للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم تعالى نوعين من القُرب (١): أحدهما: قرب الإجابة المحقَّقة في تلك الساعة (٢)، والثاني: قربه الخاص من أهل عرفة، ومباهاته بهم ملائكته. فتستشعر قلوب أهل الإيمان هذه الأمور، فتزداد قوةً إلى قوتها، وفرحًا وسرورًا وابتهاجًا، ورجاءً لفضل ربِّها وكرمه. فبهذه (٣) الوجوه وغيرها فُضِّلت وقفةُ الجمعة على غيرها.

وأما ما استفاض على ألسنة العوام بأنها تعدل ثنتين وسبعين حَجَّةً، فباطل لا أصل له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أحد من الصحابة والتابعين، والله أعلم (٤).

فصل

والمقصود أن الله سبحانه اختار من كلِّ جنس من أجناس المخلوقات أطيبه، فاختصَّه لنفسه وارتضاه دون غيره، فإنه تعالى طيِّب لا يحبُّ إلا الطيِّب، ولا يقبل من العمل والكلام والصدقة إلا الطيِّب، فالطيِّبُ من كلِّ شيء هو مختاره تعالى. وأما خلقُه فعامٌّ للنوعين.


(١) ص: «نوعي القرب».
(٢) العبارة «ويقرب منهم ... الساعة» ساقطة من ك، ع لانتقال النظر.
(٣) ك، ع، مب: «فهذه»، فيكون السياق: «فهذه الوجوهُ وغيرها فضَّلت وقفةَ الجمعة» كما ضبط النص في النسختين.
(٤) قال الحافظ في «فتح الباري» (٨/ ٢٧١): «وأما ما ذكره رزين في «جامعه» مرفوعًا: (خير يوم طلعت فيه الشمس يوم عرفة وافق يوم الجمعة وهو أفضل من سبعين حجة في غيرها)، فهو حديث لا أعرف حاله، لأنه لم يذكر صحابيّه ولا من أخرجه، بل أدرجه في حديث الموطأ (٥٧٢، ١٢٧٠) الذي ذكره مرسلًا عن طلحة بن عبد الله بن كريز، وليست الزيادة المذكورة في شيء من الموطآت».