للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن إسحاق (١): ثم خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرةً أخرى، فقال: «إنَّ الحمد لله، أحمده وأستعينه. نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. إنَّ أحسنَ الحديث كتابُ الله. قد أفلح من زيَّنه الله في قلبه وأدخله في الإسلام بعد الكفر، فاختاره على ما سواه من أحاديث الناس. إنه أحسنُ الحديث وأبلغُه. أحِبُّوا ما أحبَّ الله (٢). أحِبُّوا الله من كلِّ قلوبكم. ولا تملُّوا كلام الله وذكره، ولا تقسُ عنه قلوبكم؛ فإنه [من كلِّ ما يخلُق الله يختار ويصطفي] قد سمَّاه خِيرَتَه من الأعمال [ومصطفاه من العباد] والصالحَ من الحديث، ومن كلِّ ما أوتي الناسُ من الحلال والحرام. فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، واتقوه حقَّ تقاته، واصدقوا الله صالحَ ما تقولون بأفواهكم. وتحابُّوا بروح الله بينكم. إنَّ الله يغضب أن يُنْكَث عهدُه. والسلام عليكم».

وقد تقدَّم طرَفٌ من خطبه - صلى الله عليه وسلم - عند ذكر هديه في الخطبة (٣).

فصل

وكان من هديه - صلى الله عليه وسلم - تعظيم هذا اليوم، وتشريفه، وتخصيصه بعبادات يختصَّ بها عن غيره.

وقد اختلف الفقهاء: هل هو أفضل أم يوم عرفة؟ على قولين، وهما


(١) «السيرة» لابن هشام (١/ ٥٠١) وما بين المعقوفين منه. وأخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (٢/ ٥٢٤، ٥٢٥) بالإسناد المذكور في التخريج السابق.
(٢) «أحبوا ما أحب الله» ساقط من ك، ع.
(٣) الجملة «وقد تقدم ... الخطبة» لم ترد في ص، ق، م. وسيأتي فصل آخر أيضًا في هديه - صلى الله عليه وسلم - في خطبه.