للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

في فقه هذه القصة

ففيها: جواز القتال في الشهر الحرام إن كان ذكر التاريخ فيها برجب محفوظًا، والظاهر ــ والله أعلم ــ أنه وهم غير محفوظ، إذ لم يُحفَظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه غزا في الشهر الحرام ولا أغار فيه ولا بعث فيه سريةً، وقد عيَّر المشركون المسلمين بقتالهم في أول رجبٍ في قصة العلاء بن الحضرمي (١) وقالوا: استحل محمد الشهر الحرام، وأنزل الله في ذلك: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} الآية [البقرة: ٢١٧].

ولم يثبت نسخُ هذا بنصٍّ يجب المصير إليه، ولا أجمعت الأمة على نسخه.

وقد استدل على تحريم القتال في الأشهر الحرم (٢) بقوله تعالى: {الْمُتَّقِينَ (٤) فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥]، ولا حجة في هذا، لأن الأشهر الحرم هاهنا هي أشهر التسيير الأربعة التي سيَّر الله فيها المشركين في الأرض يأمنون فيها، وكان أولها يومَ الحج الأكبر عاشر ذي الحجة وآخرُها عاشر ربيع الآخر، هذا هو الصحيح في الآية لوجوه عديدة ليس هذا موضعها (٣).


(١) وقد سبقت (ص ١٩٥ - ١٩٧).
(٢) ص، د، ز: «الشهر الحرام».
(٣) ذكرها المؤلف في «أحكام أهل الذمة» (٢/ ٨٧٩)، وقد سبق أيضًا بعضُها في (ص ١٨٦).