للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه قدرةُ العبد؛ والرمي يطلق على الحذف وهو مَبدؤه، وعلى الإيصال وهو نهايته.

فصل

ومنها: تركه قتل المنافقين، وقد بلغه عنهم الكفرُ الصريح، فاحتج به من قال: لا يقتل الزنديق إذا أظهر التوبة، لأنهم حلفوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم ما قالوا، وهذا إن لم يكن إنكارًا فهو توبة وإقلاع. وقد قال أصحابنا (١) وغيرهم: ومن شُهِد عليه بالردة، فشَهِد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله= لم يُكشَف عن شيء (٢). وقال بعض الفقهاء: إذا جحد الردة كفاه جحدُها.

ومن لم يقبل توبة الزنديق قال: هؤلاء لم يقم عليهم بينة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحكم عليهم بعلمه، والذين بلغ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عنهم قولُهم لم يُبلِّغه إياه نصابُ البينة، بل شهد به عليهم واحد فقط، كما شهد زيد بن أرقم وحدَه على عبد الله بن أُبيٍّ (٣)، وكذلك غيره أيضًا إنما شهد عليه واحد.

وفي هذا الجواب نظر، فإن نفاق عبد الله بن أبي وأقواله في النفاق كانت


(١) كالخرقي في «مختصره» (١٢/ ٢٨٦ - ٢٨٧ مع المغني)، وبنحوه قال الشافعي فيما نقله المزني في «مختصره» (١٣/ ١٧٧ مع الحاوي الكبير).
(٢) أي: لم يُكشف عن صحة ما شُهِد عليه به وخُلِّي سبيلُه ولا يُكلَّف الإقرار بما نسب إليه؛ قاله أبو محمد في «المغني». ولفظ الشافعي: «لم يكشف عن غيره»، قال الماوردي: إنه يحتمل تأويلين: لم يكشف عمّا شهد به الشهود من ردَّته، والثاني: لم يكشف عن باطن معتقده.
(٣) وذلك في غزاة بني المصطلق، كما تقدَّم (ص ٣١٤).