للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لحاجةٍ لم يضرَّه. ولا يعترض بالعوائد على هذا، فإنَّ العوائد طبائع ثوانٍ، ولها أحكامٌ أخرى، وهي بمنزلة الخارج عن القياس عند الفقهاء.

فصل

وفي «صحيح مسلم» (١) من حديث أنس بن مالكٍ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتنفَّس في الشَّراب ثلاثًا، ويقول: «إنَّه أروى، وأمرأ، وأبرأ».

الشَّراب في لسان الشَّارع وحَمَلة الشَّرع هو: الماء، ومعنى تنفُّسه في الشَّراب: إبانتُه (٢) القدحَ عن فيه، وتنفُّسُه خارجَه، ثمَّ يعود إلى الشَّراب، كما جاء مصرَّحًا به في الحديث الآخر: «إذا شرب أحدكم فلا يتنفَّس في القدَح، ولكن لِيُبِنِ الإناءَ عن فيه» (٣).

وفي هذا الشُّرب حِكَمٌ جمَّةٌ، وفوائد مهمَّةٌ. وقد نبَّه - صلى الله عليه وسلم - على مجامعها بقوله: «إنَّه أروى، وأمرأ، وأبرأ». فأروى: أشدُّ ريًّا وأبلغُه وأنفعُه. وأبرأ: أفعَل من البُرْء وهو الشِّفاء، أي يبرئ من شدَّة العطش ودائه، لتردُّده على المعدة الملتهبة دفعاتٍ، فتسكِّن الدُّفعةُ الثَّانيةُ ما عجزت الأولى عن تسكينه، والثَّالثةُ ما عجزت الثَّانية عنه (٤).


(١) برقم (٢٠٢٨).
(٢) س، ث، حط، ل: «إبانة».
(٣) أخرجه ابن ماجه (٣٤٢٧)، وأبو يعلى (٦٦٧٧)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بمعناه. وصحَّح إسناده الحاكم (٤/ ١٣٩)، والبوصيري في «المصباح» (٤/ ٤٧)، وحسَّنه الألباني في «السِّلسلة الصَّحيحة» (٣٨٦). وفي الباب عن أبي قتادة وأبي سعيد وابن عبَّاس وسهل بن سعد - رضي الله عنهم -.
(٤) من «أي يبرئ» إلى هنا منقول من كتاب الحموي (ص ١٩٥).