للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إحرامه.

والصَّواب: أنَّه أحرم بالحجِّ والعمرة معًا من حين أنشأ الإحرام، ولم يحلَّ حتَّى حلَّ منهما جميعًا، وطاف لهما طوافًا واحدًا وسعيًا واحدًا، وساق الهدي، كما دلَّت عليه النُّصوص المستفيضة الَّتي تواترت تواترًا يعلمه أهل الحديث.

فصل

في أعذار القائلين بهذه الأقوال، وبيان منشأ الوهم والغلط

أمَّا عذر من قال: اعتمر في رجبٍ، فحديث عبد الله بن عمر أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اعتمر في رجبٍ، متَّفقٌ عليه. وقد غلَّطته عائشة وغيرها، كما في «الصَّحيحين» (١) عن مجاهد قال: دخلت أنا وعروة بن الزُّبير المسجد، فإذا عبد الله بن عمر جالسًا إلى حجرة عائشة، وإذا ناسٌ يصلُّون في المسجد صلاة الضُّحى، قال: فسألناه عن صلاتهم. فقال: بدعةٌ. ثمَّ قال (٢) له: كم اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أربعًا إحداهنَّ في رجبٍ، فكرهنا أن نردَّ عليه. قال: وسمعنا استنانَ عائشة أم المؤمنين في الحجرة، فقال عروة: يا أمَّه، يا أمَّ المؤمنين، ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: ما يقول؟ قال: يقول: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربع عُمَرٍ، إحداهنَّ في رجبٍ. قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن، ما اعتمر عمرةً قطُّ إلا وهو شاهدٌ، وما اعتمر في رجبٍ قطُّ.


(١) البخاري (١٧٧٥، ١٧٧٦) ومسلم (١٢٥٥). وقد تقدم.
(٢) كذا في النسخ و «الصحيحين». وفاعل «قال» عروة كما في رواية مسلم (١٢٥٥). وغيّر في المطبوع فكتب «قلنا».