الطفيل مع المسلمين حتى فرغوا مِن طُلَيحة، ثم سار مع المسلمين إلى اليمامة ومعه ابنه عمرو بن الطفيل، فقال لأصحابه: إني قد رأيت رؤيا فاعبُرُوها لي؛ رأيت أن رأسي قد حُلق، وأنه قد خرج من فمي طائر، وأن امرأةً لقيتني فأدخلتني في فرجها، ورأيت أن ابني يطلبني طلبًا حثيثًا ثم رأيته حُبِس عني. قالوا: خيرًا رأيت. قال: أما والله إني قد أوَّلتُها. قالوا: وما أولتَها؟ قال: أما حلق رأسي فوضعه، وأما الطائر الذي خرج من فمي فروحي، وأما المرأة التي أدخلَتْني في فرجها فالأرض تُحفَر فأغيَّب فيها، وأما طلب ابني إياي وحبسه عني فإني أراه سيجهد لأن يصيبه من الشهادة ما أصابني؛ فقُتِل الطفيل شهيدًا باليمامة وجرح ابنه عمرو جراحًا شديدًا، ثم قتل عام اليرموك شهيدًا في زمن عمر.
فصل
في فقه هذه القصة
فيها: أن عادة المسلمين كانت غسلَ الإسلام قبل دخولهم فيه، وقد صحَّ أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - به (١). وأصحُّ الأقوال وجوبه على من أجنب في حال كفره ومن لم يُجنب.
وفيها: أنه لا ينبغي للعاقل أن يقلد الناس في المدح والذم، ولا سيما تقليد من يَمدح بهوًى ويَذمُّ بهوًى، فكم حالَ هذا التقليد بين القلوب وبين
(١) أخرجه أحمد (٢٠٦١١) وأبو داود (٣٥٥) والترمذي وحسَّنه (٦٠٥) والنسائي (١٨٨) وابن خزيمة (٢٥٤) وابن حبان (١٢٤٠) بإسناد صحيح من حديث قيس بن عاصم التميمي السعدي أنه قال: أتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - أريد الإسلام فأمرني أن أغتسل بماءٍ وسدر. لفظ أبي داود.