للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا يقتضي كراهة تأخير الفطور (١)، فكيف تركه، وإذا كان مكروهًا لم يكن عبادةً، فإنَّ أقلَّ درجات العبادة أن تكون مستحبَّةً.

والقول الثَّالث وهو أعدل الأقوال: إنَّ الوصال يجوز من سَحرٍ إلى سَحرٍ، وهذا هو المحفوظ عن أحمد وإسحاق، لحديث أبي سعيدٍ الخدريِّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُواصِلوا، فأيُّكم أراد أن يواصلَ فليواصلْ إلى السَّحَر». رواه البخاريُّ (٢).

وهذا أعدل الوصال وأسهله على الصَّائم، وهو في الحقيقة بمنزلة عشائه إلا أنَّه تأخَّر، فالصَّائم له في اليوم واللَّيلة أكلةٌ، فإذا أكلها في السَّحر كان قد نقلها من أوَّل اللَّيل إلى آخره. والله أعلم.

فصل

وكان من هديه أنه لا يدخل في صوم رمضان إلا برؤيةٍ محقَّقةٍ، أو شهادة شاهدٍ واحدٍ، كما صام بشهادة ابن عمر (٣)، وصام مرَّةً بشهادة أعرابيٍّ (٤)،


(١) مب، ع: «الفطر». والمثبت من بقية النسخ.
(٢) برقم (١٩٦٣، ١٩٦٧). وقد تقدم.
(٣) رواه أبو داود (٢٣٤٢) عن ابن عمر قال: «ترائى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني رأيته، فصامه وأمر الناس بصيامه». وصححه ابن حبَّان (٣٤٤٧) والحاكم (١/ ٤٢٣) وابن حزم في «المحلى» (٦/ ٢٣٦).
(٤) رواه الترمذي (٦٩١) وابن ماجه (١٦٥٢) والحاكم (١/ ٤٢٤) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -. والحديث في إسناده اضطراب؛ فإنَّ سماكًا روايته عن عكرمة مضطربة، وتغير بأخرة، فهنا رواه موصولًا ومرَّة رواه مرسلًا. انظر: «إرواء الغليل» (٤/ ١٥) و «ضعيف أبي داود - الأم» (٢/ ٢٦١).