للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل الأولى على قول. وإنما استرجع لما شاهده من مداومة النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه على صلاة ركعتين في السفر.

وفي «صحيح البخاري» (١) عن ابن عمر قال: «صحِبتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم -». يعني في صدر خلافة عثمان، وإلا فعثمان قد أتمَّ في آخر خلافته، وكان ذلك أحد الأسباب التي أُنكِرَت عليه.

وقد خُرِّج لفعله تأويلاتٌ (٢):

أحدها: أن الأعراب كانوا قد حجُّوا تلك السَّنة، فأراد أن يعلِّمهم أنَّ فرض الصلاة أربع، لئلا يتوهَّموا أنها ركعتان في الحضر والسفر. ورُدَّ هذا التأويل بأنَّهم كانوا أحرى بذلك في حجِّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا حديثي عهد بالإسلام، والعهدُ بالصلاة قريب، ومع هذا فلم يربِّع بهم النبي - صلى الله عليه وسلم -.

التأويل الثاني: أنه كان إمامًا للناس، والإمامُ حيث نزل فهو عملُه ومحلُّ ولايته، فكأنه (٣) وطنه. ورُدَّ هذا التأويل بأنَّ إمام الخلائق على الإطلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أولى بذلك، وكان هو الإمام المطلق، ولم يربِّع.

التأويل الثالث: أنَّ منًى كانت قد بنيت، وصارت قريةً، وكثر فيها (٤)


(١) برقم (١١٠٢ و ١٠٨٢، ١٦٥٥)، وأخرجه مسلم (٦٨٩).
(٢) وقد روي بعضها عن الزهري وإبراهيم النخعي، وأجاب عنها المنذري في «مختصر السنن» والمؤلف صادر عن كلامه. انظر: «تهذيب السنن» له (١/ ٣٨٩).
(٣) ص، ج، ك: «فكان»، وكذا كان في ع ثم أصلح.
(٤) ص، ج، ك: «وكثرت بها».