للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وللصَّلاة تأثيرٌ عجيبٌ في دفع شرور الدُّنيا، ولا سيَّما إذا أعطيت حقَّها من التَّكميل ظاهرًا وباطنًا. فما استُدْفِعت شرورُ الدَّارين ولا استُجْلِبت مصالحُهما بمثل الصَّلاة. وسرُّ ذلك أنَّ الصَّلاة صلةٌ بالله عزَّ وجلَّ، وعلى قدر صلة العبد بربِّه تُفتَح عليه من الخيرات أبوابُها، وتُقْطَع عنه من الشُّرور أسبابُها، وتفيض عليه موادُّ التَّوفيق من ربِّه عزَّ وجلَّ. والعافية والصِّحَّة، والغنيمة والغنى، والرَّاحة والنَّعيم، والأفراح والمسرَّات= كلُّها مُحْضَرةٌ لديه ومسارعةٌ إليه (١).

صَبْر: الصَّبر نصف الإيمان، فإنَّه ماهيَّةٌ مركَّبةٌ من صبرٍ وشكرٍ، كما قال بعض السَّلف: الإيمان نصفان: نصفٌ صبرٌ ونصفٌ شكرٌ (٢). قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم: ٥].

والصَّبر من الإيمان بمنزلة الرَّأس من الجسد. وهو ثلاثة أنواعٍ (٣): صبرٌ


(١) وانظر في تأثير الصلاة ومنافعها ما سبق في (ص ٢٩٩ - ٣٠١). ولعل مصدر المصنف في مادة هذا الفصل ما أشار إليه في «مفتاح دار السعادة» (٢/ ٧١٢) إذ قال: «ولقد رأيت في بعض كتب الأطباء المسلمين في ذكر الأدوية المفردة ذكر الصلاة، ذكرها في باب الصاد ... ».
(٢) عزاه المصنف في «عدة الصابرين» (ص ٢٠٥) إلى ابن مسعود، وعقد عليه بابًا كاملًا. ويُروى نحو هذا الكلام عن الشَّعبيِّ موقوفًا، ينظر: «الجامع لأحكام القرآن» (٩/ ٣٤٢). وأخرجه الخرائطيُّ في «الشُّكر» (١٨)، والقضاعيُّ في «مسند الشِّهاب» (١٥٩)، والبيهقيُّ في «الشُّعب» (٩٢٦٤)، عن أنس مرفوعًا، وفي سنده يزيد بن أبان الرَّقَاشيُّ وهو ضعيف، وينظر: «السِّلسلة الضَّعيفة» (٦٢٥).
(٣) باعتبار متعلَّقه، وعقد المصنف عليه الباب السابع من كتابه «عدة الصابرين» (ص ٤٨) وذكر فيه هذه الأنواع الثلاثة عن علي بن أبي طالب (ص ١٢٨). وانظر: «التبيان في أيمان القرآن» (ص ١٣٦ - ١٣٧).