للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُخمَّس (١)؛ وعلى قول من قال: إنما حرمها لأنها كانت جوالَّ (٢) القرية وكانت تأكل العذرة (٣)؛ وكل هذا في «الصحيح»، لكن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنها رجس» مقدَّمٌ على هذا كله، لأنه من ظن الراوي وقولِه بخلاف التعليل بكونها رجسًا.

ولا تعارض بين هذا التحريم وبين قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: ١٤٥]، فإنه لم يكن قد حُرِّم حين نزول هذه الآية من المطاعم إلا هذه الأربعة، والتحريمُ كان يتجدد شيئًا فشيئًا، فحُرِّم الحمر بعد ذلك تحريمًا مبتدأً لِما سكت عنه النص، لا أنه رافع لما أباحه القرآن ولا مخصِّصٌ لعمومه فضلًا عن أن يكون ناسخًا له. والله أعلم.

فصل

ولم تُحرَّم المتعة يوم خيبر، وإنما كان تحريمها عام الفتح، هذا هو الصواب. وقد ظن طائفة من أهل العلم أنه حرَّمها يوم خيبر، واحتجوا بما في «الصحيحين» (٤) من حديث علي بن أبي طالب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحُمُر الإنسية.


(١) قاله عبد الله بن أبي أوفى. أخرجه البخاري (٣١٥٥، ٤٢٢٠) ومسلم (١٩٣٧).
(٢) المطبوع: «حول»، تحريف. و «الجوالُّ» جمع الجالَّة، وهي التي تأكل الجلَّة وهي العذرة، ويقال لها أيضًا: الجلّالة.
(٣) هو قول بعض الصحابة كما عند البخاري (٤٢٢٠).
(٤) البخاري (٤٢١٦، ٥١١٥، ٥٥٢٣) ومسلم (١٤٠٧).