للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر ابن عائذ (١) في «مغازيه» (٢) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل تبوك في زمان قلَّ ماؤها فيه، فاغترف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غرفةً بيده من ماء فمضمض بها فاه ثم بصقه فيها، ففارت عينُها حتى امتلأت، فهي كذلك حتى الساعة.

قلت: في «صحيح مسلم» (٣) أنه قال قبل وصوله إليها: «إنكم ستأتون غدًا إن شاء الله عينَ تبوكَ وإنكم لن تأتوها حتَّى يُضْحِيَ النهار، فمن جاءها فلا يَمَسَّ من مائها شيئًا حتى آتي»، قال: فجئناها وقد سبق إليها رجلان، والعينُ مثلُ الشِّراك تبضُّ بشيءٍ من مائها (٤)، فسألهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هل مَسِسْتما من مائها شيئًا؟» قالا: نعم، فسبَّهما وقال لهما ما شاء الله أن يقول، ثم غَرَفوا من العين قليلًا قليلًا حتى اجتمع في شيء، ثم غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه وجهَه ويديه ثم أعاده فيها فجَرَت العينُ بماء كثير (٥) فاستقى الناس، ثم


(١) هو محمد بن عائذ القرشي مولاهم، أبو عبد الله الدمشقي، المؤرخ الصدوق صاحب المغازي، روى عن الوليد بن مسلم وإسماعيل بن عياش والواقدي وطبقتهم، وروى عنه أبو زرعة الدمشقي ويعقوب بن سفيان الفسوي وجماعة، وثَّقه ابن معين وغيره، صنف كتاب «المغازي» وكتاب «الفتوح والصوائف»، وهما في عداد المفقود. توفي سنة ٢٣٣. انظر: «تاريخ دمشق» (٥٣/ ٢٨٨) و «سير أعلام النبلاء» (١١/ ١٠٤).
(٢) كما في «عيون الأثر» (٢/ ٢٢٠). والذي ذكره ابن عائذ هو لفظ عروة في مغازيه من رواية ابن لهيعة عن أبي الأسود عنه. انظر: «دلائل النبوة» (٥/ ٢٢٦).
(٣) برقم (٧٠٦/ ١٠ - ج ٤/ ١٧٨٤) من حديث معاذ بن جبل. وأخرجه أيضًا البيهقي في «الدلائل» (٥/ ٢٣٦)، وهو مصدر المؤلف.
(٤) أي تسيل وترشح بشيء يسير من الماء كأنه شراكُ نعلٍ. وقوله: «من مائها» كذا في الأصول عدا س، ففيه والمطبوع: «من ماءٍ» وهو لفظ مسلم.
(٥) المطبوع: «بماءٍ منهمر» خلافًا للأصول وإن كان هو لفظ مسلم. والمثبت من الأصول هو لفظ البيهقي في «الدلائل» والمؤلف عنه صادر كما سبق.