للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُخَشِّن (١) بن حُميِّر ــ قال بعضهم لبعض: أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضِهم لبعضٍ؟! والله لكأنَّا بكم غدًا مقرَّنين في الحبال ــ إرجافًا وترهيبًا للمؤمنين ــ، فقال مُخَشِّن بن حمير: والله لوددت أنِّي أقاضى على أن يُضرَب كلٌّ منا مائةَ جلدةٍ وإنا ننفلت أن ينزل فينا قرآنٌ لمقالتكم هذه. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمار بن ياسر: «أدرك القوم فإنهم قد احترقوا، فسلهم عمَّا قالوا فإن أنكروا فقل: بلى، فقلتم (٢) كذا وكذا»، فانطلق إليهم عمار فقال ذلك لهم، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتذرون إليه، فقال وديعة بن ثابت: كنا نخوض ونلعب، فأنزل الله فيهم {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} [التوبة: ٦٥]، فقال مخشِّن بن حُميِّر: يا رسول الله، قعد بي اسمي واسم أبي، فكان الذي عُفِي عنه في هذه الآية (٣)، وتسمَّى «عبد الرحمن» وسأل الله أن يُقتَل شهيدًا لا يعلم بمكانه، فقتل يوم اليمامة فلم يوجد له أثر (٤).


(١) المطبوع: «مَخْشيّ» خلافًا للأصول. وقد اختلف في اسمه، فالمثبت قول ابن إسحاق، وما في المطبوع قول الواقدي وابن هشام.
(٢) كذا في ف، ب. وفي سائر الأصول: «فعلتم». وفي المصادر: «قلتم».
(٣) أي في قوله تعالى فيها: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [التوبة: ٦٦].
(٤) الخبر عند ابن إسحاق كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٥٢٤ - ٥٢٥)، والمؤلف صادر عن «عيون الأثر» (٢/ ٢١٩). وذكره الواقدي في «مغازيه» (٣/ ١٠٠٣) بأطول منه، وفيه أن وديعة بن ثابت قال في ذلك المجلس: ما لي أرى قُرَّاءَنا هؤلاء أوعبَنا بطونًا وأكذبَنا ألسنةً وأجبنَنا عند اللقاء .. وهذه المقالة هي التي رويت من وجوه أخرى أيضًا سببًا لنزول الآية. انظر: «تفسير الطبري» (١١/ ٥٤٣ - ٥٤٥) وابن أبي حاتم (٦/ ١٨٢٩).