للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعضهم: حتى يُرى بياضُ الجلد (١).

قال الطحاوي: ولما كان التقصير مسنونًا عند الجميع كان الحلق فيه أفضل قياسًا على الرأس. وقد دعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - للمحلِّقين ثلاثًا وللمقصِّرين واحدةً، فجعل حلقَ الرأس أفضلَ من تقصيره، فكذلك الشارب (٢). والله أعلم وأحكم.

فصل

في هديه في كلامه وسكوته وضحكه وبكائه

كان - صلى الله عليه وسلم - أفصح خلق الله، وأعذبهم كلامًا، وأحسنهم (٣) أداءً، وأحلاهم منطقًا، حتى كان كلامه يأخذ القلوب، ويسبي الأرواح. وشهد له بذلك أعداؤه.

وكان إذا تكلَّم تكلَّم بكلام مفصَّل مبيَّن يعُدُّه العادُّ، ليس بَهذٍّ مسرع لا يُحفَظ، ولا مقطَّع يتخلَّلُه السكتات بين أفراد الكلم، بل هديه فيه أكمل الهدي. قالت عائشة: «ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسرُد سردَكم هذا، ولكن كان


(١) أخرجه الطحاوي في «شرح المعاني» (٤/ ٢٣١) بإسناد صحيح عن عاصم بن محمد (بن زيد بن عبد الله بن عمر) عن أبيه عن ابن عمر.
(٢) انظر كلام الطحاوي بنحو ما ذكره ابن عبد البر في «شرح المعاني» (٤/ ٢٣٠).
(٣) في النسخ المطبوعة: «وأسرعهم»، وهو غلط، فليست السرعة في الأداء من صفته - صلى الله عليه وسلم - كما جاء فيما بعد.