للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتكلم بكلامٍ يبيِّنه، فَصْلٍ يحفظه مَن جلس إليه» (١). وكان كثيرًا ما يعيد الكلمة ثلاثًا لِتُعقلَ عنه. وكان إذا سلَّم سلَّم ثلاثًا.

وكان طويل السَّكْت، لا يتكلَّم في غير حاجة. يفتتح الكلام ويختتمه (٢) بأشداقه. ويتكلَّم بجوامع الكلِم، فَصْلٌ (٣) لا فضول ولا تقصير. وكان لا يتكلَّم فيما لا يعنيه، ولا يتكلَّم إلا فيما يرجو ثوابه.

وإذا كره الشيء عُرِف في وجهه. ولم يكن فاحشًا ولا متفحِّشًا ولا صخَّابًا.

وكان جُلُّ ضحكه بل كلُّه التبسُّم. وكان نهاية ضحكه أن تبدو نواجذه. وكان يضحك مما يُضحَك منه، وهو ما يُتعجَّب من مثله، ويُستغرَب وقوعُه ويُستندَر.

وللضحك أسباب عديدة، هذا أحدها. والثاني: ضحك الفرح، وهو أن يرى ما يسُرُّه أو يباشره. والثالث: ضحك الغضب، وهو كثيرًا ما يعتري الغضبان إذا اشتدَّ غضبه. وسببه تعجُّبُ الغضبان مما أورد عليه الغضب، وشعورُ نفسه بالقدرة على خصمه وأنه في قبضته. وقد يكون ضحِكُه لمَلَكةِ نفسه (٤) عند


(١) أخرجه الترمذي (٣٦٣٩) والنسائي في «الكبرى» (١٠١٧٤). وصححه الترمذي. وشطره الأول أخرجه مسلم (٢٤٩٣) وأبو داود (٣٦٥٥)، وعلقه البخاري بالجزم (٣٥٦٨)، وفيه قصة.
(٢) ج: «يختمه»، وكذا في رواية. وفي ك، ع: «يفتح الكلام ويختمه».
(٣) في حديث هند بن أبي هالة في «الشمائل» (٢١٥): «كلامه فصل».
(٤) كذا ضبط في ج، مب، ن، ويجوز أن يضبط: «لملكهِ نفسَه».