للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان هديه أن لا تهان القبور وتوطأ، وأن لا يُجلَس عليها ويُتَّكَأ عليها (١)، ولا تعظَّم بحيث تُتَّخذ مساجد فيصلَّى عندها وإليها، وتُتَّخذ أعيادًا وأوثانًا (٢).

فصل

في هديه في زيارة القبور

كان إذا زار قبور أصحابه يزورها للدعاء لهم، والترحُّم عليهم والاستغفار لهم. وهذه هي الزيارة التي سنَّها لأمته وشرعَها لهم. وأمرهم أن يقولوا إذا زاروها: «السَّلام عليكم أهلَ الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية» (٣).

وكان هديه أن يقول ويفعل عند زيارتها من جنس ما يقوله عند الصلاة عليه (٤) من الدعاء له والترحُّم والاستغفار. فأبى المشركون إلا دعاءَ الميت


(١) أخرجه مسلم (٩٧١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرج الشافعي في «حرملة» (معرفة السنن- ٥/ ٣٥٧) والحميدي (١٠٥٥) وأحمد (٧٣٥٨) والبزار (١٦/ ٤٨) وأبو يعلى (٦٦٨١) من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ: «لا تجعلُنَّ قبري وثنًا، لعن الله قومًا اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد»، وعند الشافعي: «اللهم لا تجعلْ ... »، وفي إسناده حمزة بن المغيرة بن نشيط القرشي، قال ابن معين: «ليس به بأس»، إلا أنه تفرد بروايته عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. والمشهور ما رواه مالك (٤٧٥) وعبد الرزاق (١٥٨٧) وابن أبي شيبة (٧٦٢٦، ١١٩٤١) عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار مرسلًا دعاءَ النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٣) أخرجه مسلم (٩٧٥) من حديث بريدة بن الحصيب. وأخرجه أيضًا من حديث عائشة (٩٧٤) ومن حديث أبي هريرة (٢٤٩).
(٤) في طبعة الرسالة: «على الميت»، والتصرف من الفقي.