للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رطوباتهم وتعاطيهم الأسبابَ الَّتي تولِّد القمل. ولذلك حلق النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رؤوس بني جعفرٍ (١).

ومن أكبر علاجه: حلقُ الرَّأس لتنفتح مسامُّ الأبخرة، فتتصاعد الأبخرة الرَّديَّة، فتضعف مادَّة الخِلط. وينبغي أن يُطلى الرَّأسُ بعد ذلك بالأدوية الَّتي تقتل القَمْلَ وتمنع تولُّده.

وحلقُ الرَّأس ثلاثةُ أنواع:

أحدها: نسكٌ وقربةٌ.

والثَّاني: بدعةٌ وشركٌ.

والثَّالث: حاجةٌ ودواءٌ.

فالأوَّل: الحلق في أحد النُّسكين: الحجِّ أو العمرة.

والثَّاني: حلق الرَّؤوس لغير الله سبحانه، كما يحلقها المريدون لشيوخهم. ويقول (٢) أحدهم: أنا حلقتُ رأسي لفلانٍ، وأنت حلقتَه لفلانٍ. وهذا بمنزلة أن يقول: سجدت لفلانٍ، فإنَّ حلق الرَّأس خضوعٌ وعبوديَّةٌ وذلٌّ. ولهذا كان من تمام الحجِّ حتَّى إنَّه عند الشَّافعيِّ ركنٌ من أركانه لا يتمُّ إلا به، فإنَّه وضع النَّواصي بين يدي ربِّها خضوعًا لعظمته وتذلُّلًا لعزَّته.

وهو من أبلغ أنواع العبوديَّة. ولهذا كانت العرب إذا أرادت إذلالَ


(١) أخرجه الإمام أحمد (١٧٥٠) وأبو داود (٤١٩٢) والنسائي في «الكبرى» (٨١٠٤) من حديث عبد الله بن جعفر - رضي الله عنه -. وصححه الضياء في «المختارة» (٩/ ١٦٤).
(٢) حط، ن: «فيقول»، وكذا في النسخ المطبوعة.