للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأسير منهم وعتقَه حلقوا رأسه وأطلقوه. فجاء شيوخ الضَّلال والمزاحمون للرُّبوبيَّة الذين أساسُ مشيختهم على الشِّرك والبدعة، فأرادوا من مريديهم أن يتعبَّدوا لهم، فزيَّنوا لهم حلقَ رؤوسهم لهم (١)، كما زيَّنوا لهم السُّجود لهم، وسمَّوه بغير اسمه، وقالوا: هو وضع الرَّأس بين يدي الشَّيخ. ولَعَمْرُ الله، إنَّ السُّجود لله هو وضعُ الرَّأس بين يديه سبحانه. وزيَّنوا لهم أن ينذروا لهم، ويتوبوا لهم، ويحلفوا بأسمائهم. وهذا هو اتِّخاذهم أربابًا وآلهةً من دون اللَّه.

قال تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩) وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ٧٩ - ٨٠].

وأشرفُ العبوديَّة عبوديَّة الصَّلاة. وقد تقاسمها الشَّيوخ والمتشبِّهون بالعلماء والجبابرة، فأخذ الشُّيوخ منها أشرفَ (٢) ما فيها، وهو السَّجود. وأخذ المتشبِّهون بالعلماء منها الرُّكوع، فإذا لقي بعضهم بعضًا ركَع له كما يركع المصلِّي لربِّه سواءً. وأخذ الجبابرة منها القيامَ، فيقوم الأحرار والعبيد على رؤوسهم عبوديَّةً لهم وهم جلوسٌ.

وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الأمور الثَّلاثة على التَّفصيل، فتعاطيها مخالفةٌ صريحةٌ له. فنهى عن السُّجود لغير الله، وقال: «لا ينبغي لأحدٍ أن


(١) «لهم» ساقط من د.
(٢) ز: «منها ما هو أشرف» بزيادة «ما هو». وفي س: «الشيوخُ أفضلَ».