للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر القسم الأوَّل وهو العلاج بالأدوية الطَّبيعيَّة

فصل

في هديه في علاج الحمَّى

ثبت في «الصَّحيحين» (١) عن نافع عن ابن عمر أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّما الحمَّى ــ أو: شدَّة الحمَّى ــ من فَيْحِ جهنَّم، فأَبرِدُوها بالماء».

وقد أشكل هذا الحديث على كثيرٍ من جهلة الأطبَّاء (٢)، ورأوه منافيًا لدواء الحمَّى وعلاجها. ونحن نبيِّن بحول الله (٣) وجهَه وفقهَه، فنقول: خطاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - نوعان: عامٌّ لأهل الأرض، وخاصٌّ ببعضهم (٤). فالأوَّل كعامَّة خطابه. والثَّاني كقوله: «لا تستقبلوا القبلة بغائطٍ ولا بولٍ ولا تستدبروها، ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا» (٥)، فهذا ليس بخطابٍ لأهل المشرق ولا المغرب ولا العراق، ولكن لأهل المدينة وما على سَمْتِها كالشَّام وغيرها. وكذلك قوله: «ما بين المشرق والمغرب قبلةٌ» (٦).


(١) البخاري (٣٢٦٤) ومسلم (٢٢٠٩).
(٢) وانظر: «المفهم» للقرطبي (٥/ ٥٩٩ - ٦٠١).
(٣) بعده في ن: «وقوته»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٤) س، ث، ل: «لبعضهم».
(٥) أخرجه البخاري (٣٩٤) ومسلم (٢٦٤) من حديث أبي أيوب الأنصاري.
(٦) أخرجه التِّرمذي (٣٤٤)، وابن ماجه (١٠١١)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. وقد تكلَّم فيه أحمد، وأنكره النَّسائي (٤/ ١٧١)، وقوَّاه البخاري، وقال التِّرمذي: «هذا حديث حسن صحيح»، وصحَّحه عبد الحقِّ في «الأحكام الصُّغرى» (١/ ٢٢٤). ورُوي عن ابن عمر مرفوعًا، وعن أبي قلابة مُرسلًا، وعن عمر وعليٍّ وابن عبَّاس موقوفًا.