للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: أن السنة في الشهيد أنه لا يُغسَّل ولا يُصلَّى عليه، ولا يُكفَّن في غير ثيابه بل يدفن فيها بدمه وكلومه، إلا أن يُسْلَبَها فيكفن في غيرها.

ومنها: أنه إذا كان جنبًا غُسِّل كما غسلت الملائكةُ حنظلةَ بن أبي عامر.

ومنها: أن السنة في الشهداء أن يُدفَنوا في مصارعهم ولا يُنقَلوا إلى مكان آخر، فإن قومًا من الصحابة نقلوا قتلاهم إلى المدينة فنادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأمر بردِّ القتلى إلى مضاجعهم. قال جابر: بينا أنا في النظَّارة إذ جاءت عمَّتي (١) بأبي وخالي عادلَتْهما على ناضحٍ فدخلت بهما المدينة لتَدفِنَهما في مقابرنا، وجاء رجل ينادي: ألا إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمركم أن ترجعوا بالقتلى فتدفنوها في مصارعها حيث قُتِلت، قال: فرجعنا بهما فدفناهما في القتلى حيث قُتِلا، فبينا أنا في خلافة معاوية بن أبي سفيان إذ جاءني رجل فقال: يا جابر، واللهِ لقد أثار أباك عُمَّال معاويةَ فبدا فخرج طائفةٌ منه، قال: فأتيتُه فوجدته على النحو الذي تركته لم يتغير منه شيء، قال: فواريته (٢)؛ فصارت سنةً في الشهداء أن يُدفَنوا في مصارعهم.

ومنها: جواز دفن الرجلين والثلاثة في القبر الواحد، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدفن الرجلين والثلاثة في القبر ويقول: «أيهم أكثر أخذًا للقرآن؟» فإذا


(١) ص، د: «عين»، تصحيف.
(٢) أخرجه أحمد (١٥٢٨١) والدارمي (٤٦) مطوّلًا بتمامه، وأخرجه أبو داود (٣١٦٥) والترمذي (١٧١٧) والنسائي (٢٠٠٥) وابن حبان (٣١٨٤) مختصرًا؛ من طرق عن الأسود بن قيس عن نُبيح العَنَزي عن جابر. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، ونُبيح ثقة.