للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

في قتل كعب بن الأشرف (١)

كان رجلًا من اليهود، وأمه من بني النضير، وكان شديد الأذى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان يشبب في أشعاره بنساء الصحابة، فلما كانت وقعةُ بدرٍ ذهب إلى مكة وجعل يُؤَلِّبُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى المؤمنين، ثم رجع إلى المدينة على تلك الحال، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن لكعب بن الأشرف؟ فإنه قد آذى الله ورسولَه»، فانتدب له محمدُ بن مسلمة، وعَبَّاد بن بِشر، وأبو نائلة واسمه سِلْكان بن سلامة (٢) ــ وهو أخو كعب من الرضاعة ــ، والحارث بن أوس، وأبو عبس بن جبر؛ وأذن لهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقولوا ما شاؤوا من كلام يخدعونه به، فذهبوا إليه في ليلةٍ مقمرة وشيَّعهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بقيع الغرقد، فلما انتهوا إليه قدَّموا سِلْكان بن سلامة إليه، فأظهر له موافقته على الانحراف عن (٣) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشكا إليه ضيق حالهم وكلَّمه في أن يبيعه وأصحابه طعامًا ويرهنونه سلاحهم، فأجابهم إلى ذلك، فرجع سلكان إلى أصحابه فأخبرهم، فأتوه فخرج إليهم من حِصنه، فتماشوا فوضعوا عليه سيوفهم ووضع محمد بن مسلمة مِغولًا كان معه في ثُنَّته (٤) فقتله، وصاح


(١) خبر قتله أخرجه البخاري (٤٠٣٧) ومسلم (١٨٠١) من حديث جابر. وانظر الخبر عند موسى بن عقبة في «الدلائل» للبيهقي (٣/ ١٩٠)، وابن إسحاق في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٥٤)، والواقدي (١/ ١٨٤)، وابن سعد (٢/ ٢٨، ٤٠٣).
(٢) في عامة الأصول: «سلام»، ولعله سبق قلم، فإنه يأتي على الصواب بعد بضعة أسطر.
(٣) ص، ز، د: «على».
(٤) المِغْوَل: نصل دقيق يجعل في السَّوط فيكون كالغمد له، يشدّه الفاتك على وسطه، قيل: سُمّي مغولًا لأن صاحبه يغتال به عدوَّه من حيث لا يحتسب. والثُّنَّة: ما دون السرَّة فوق العانة.