للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سريةً إلى الحُرَقات من جُهَينة وفيهم أسامة بن زيد، فلما دنا منهم بعث الأمير الطلائع، فلما رجعوا بخبرهم أقبل حتى إذا دنا منهم ليلًا وقد احتلبوا وهدؤوا قام فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: «أوصيكم بتقوى الله وحده لا شريك له، وأن تطيعوني ولا تعصوني ولا تخالفوا أمري، فإنه لا رأي لمن لا يطاع» ثم رتَّبهم وقال: «يا فلان أنت وفلان، ويا فلان أنت وفلان، لا يفارق كلٌّ منكما صاحبَه وزميله، وإياكم أن يرجع أحد منكم فأقول: أين صاحبك؟ فيقول: لا أدري، فإذا كبَّرتُ فكبروا وجَرِّدوا السيوف»، ثم كبَّروا وحملوا حملةً واحدةً وأحاطوا بالقوم، وأخذتهم سيوفُ الله فَهُم يضعونها حيث شاؤوا منهم، وشِعارهم: «أمت أمت». وخرج أسامة في أثر رجل منهم يقال له: نَهِيك بن مِرداس (١)، فلما دنا منه ولَحَمَه بالسيف قال: لا إله إلا الله، فقتله. ثم استاقوا النساء (٢) والنعم والذرية، وكانت سُهمانهم عشرة أبعرةٍ لكل رجل أو عدلها من النعم.

ولمَّا قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُخبِر بما صنع أسامة، فكَبُرَ ذلك عليه وقال: «أقتلتَه بعد ما قال: لا إله إلا الله؟» فقال: إنما قالها متعوِّذًا، قال: «فهلَّا شققت عن قلبه!» ثم قال: «من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة؟» فما زال يكرِّر ذلك عليه حتى تمنى أن يكون أسلم يومئذ، وقال: يا رسول الله، أعطي الله عهدًا أن لا أقتل رجلًا يقول: لا إله إلا الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بعدي»،


(١) كذا في جميع الأصول وفاقًا للواقدي، وغُيِّر في المطبوع إلى «مرداس بن نهيك» وفاقًا لما عند ابن إسحاق.
(٢) س، المطبوع: «الشاء»، وهو كذلك في «مغازي الواقدي». والمثبت من الأصول موافق لما في «الدلائل».