للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد جاءكم ما لا قِبَل لكم به، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن (١)، قالوا: قاتلك الله وما تُغني عنا دارك؟ قال: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، فتفرَّق الناس إلى دورهم وإلى المسجد (٢).

وسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل مكة من أعلاها (٣)، وضُربت له هنالك قبَّتُه، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد فدخلها من أسفلها وكان على المجنِّبة اليمنى وفيها أسلم وسُلَيم وغِفار ومُزَينة وجُهَينة وقبائلُ من قبائل العرب، وكان أبو عبيدة على الرَّجَّالة والحُسَّر وهم الذين لا سلاح معهم (٤)، وقال لخالد ومن معه: «إن عرض لكم أحدٌ مِن قريش فاحصُدوهم حصدًا حتى تُوافوني على الصفا»، فما عرض لهم أحد إلا أناموه (٥).

وتجمَّع سفهاءُ قريش وأَخِفَّاؤها مع عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو بالخندمة ليقاتلوا المسلمين، وكان حِماس بن قيس بن خالد أخو بني بكر يُعِدُّ سلاحًا قبل دخول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت له امرأته: لماذا تُعِدُّ ما أرى؟ قال: لمحمد وأصحابه، قالت: والله ما يقوم لمحمد وأصحابه شيء، قال: والله إني لأرجو أن أُخدِمك بعضَهم ثم قال:


(١) بعده في المطبوع وعامّة النسخ عدا ن: «ومن دخل المسجد فهو آمن»، ولكن عليه علامة الحذف في ف، وهو الصواب الموافق لمصدر النقل.
(٢) وهذه الفقرة تتمة حديث ابن عباس الطويل الذي سبق تخريجه.
(٣) من ثنيّة يقال لها كَدَاء ــ وهي تُعرَف اليوم بالحَجُون ــ كما عند البخاري (٤٢٩٠) ومسلم (١٢٥٨/ ٢٢٥) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٤) ص، ز، د: «لهم».
(٥) أخرجه أحمد (١٠٩٤٨) ومسلم (١٧٨٠/ ٨٤، ٨٦) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بنحوه، وسيأتي لفظ أحمد.