للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كذا وكذا، فقال عثمان وعبد الرحمن بن عوف: يا رسول الله ما نأمن أن يكون منه (١) في قريش صولة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بل اليوم يوم تُعظَّم فيه الكعبة، اليوم أعزَّ الله فيه قريشًا»، ثم أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سعد فنزع منه اللواء ودفعه إلى قيس ابنه، ورأى أن اللواء لم يخرج عن سعدٍ إذ صار إلى ابنه (٢).

قال أبو عمر (٣): وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نزع منه الراية دفعها إلى الزبير.

ومضى أبو سفيان حتى إذا جاء قريشًا صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش، هذا محمد قد جاءكم فيما لا قِبَل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن (٤)، فقامت إليه هند بنت عتبة فأخذت بشاربه فقالت: اقتلوا الحَمِيت الدَّسِم الأحمس (٥)، قُبِّح مِن طليعة قوم! قال: ويلكم لا تغرنَّكم هذه من أنفسكم، فإنه


(١) ن، المطبوع: «له».
(٢) هذه الفقرة عند الواقدي (٢/ ٨٢١) ــ ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٢٣/ ٤٥٤) ــ بنحوها، ولفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - عنده: «اليوم يوم المرحمة، اليوم أعز الله فيه قريشًا». وله شاهد من مرسل عروة عند البخاري (٤٢٨٠) بلفظ: «كذب سعد، ولكن هذا يوم يُعظِّم اللهُ فيه الكعبة، ويومٌ تُكسى فيه الكعبة»، وليس فيه ذكر نزع اللواء.
(٣) في «الدرر» (ص ٢٣١)، والمؤلف صادر عن «عيون الأثر» (٢/ ١٧٢).
(٤) بعده في س: «قالوا: قاتلك الله ... ومن دخل المسجد فهو آمن». وهو كلام مُحال عن موضعه لانتقال النظر، وسيأتي في موضعه قريبًا.
(٥) في النسخ المطبوعة: «الأحمش الساقين»، تحريف وزيادة على ما في الأصول. والحَمِيت: وعاءٌ من جلد يُجعل فيه السمن، والأحمس: الشديد، والمراد تشبيه سِمَنه وشحامته، ويمكن أن يكون المراد بالأحمس: الذي لا خير عنده من قولهم: أرضٌ أحامِس، إذا كانت جدبة ليس بها كلأٌ ولا مرتع. انظر: «الروض الأنف» (٧/ ٩٤)، و «عيون الأثر» (٢/ ١٨٣)، و «تاج العروس» (حمس).