للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأليق أن يقال: عاد لكذا، يعني: عاد إليه، وفي الهبة: عاد إليها. وقد أمر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أوس بن الصامت وسلمة بن صخر بكفَّارة الظِّهار، ولم يتلفَّظا به مرَّتين، فإنَّهما لم يُخبِرا بذلك عن أنفسهما، ولا أخبر به أزواجهما عنهما ولا أحدٌ من الصَّحابة، ولا سألهما النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: هل قلتما ذلك مرَّةً أو مرَّتين؟ ومثل هذا لو كان شرطًا لما أهمل بيانه.

وسرُّ المسألة أنَّ العَوْد يتضمَّن أمرين: أمرًا يعود إليه، وأمرًا يعود عنه، ولا بدَّ منهما، فالَّذي يعود عنه يتضمَّن نقضَه وإبطالَه، والَّذي يعود إليه يتضمَّن إيثارَه وإرادتَه، فعَوْد المظاهر يقتضي نقضَ الظِّهار وإبطاله، وإيثارَ ضدِّه وإرادتَه، وهذا عينُ فهم السَّلف من الآية، فبعضهم يقول: إنَّ العود هو الإصابة، وبعضهم يقول: الوطء، وبعضهم يقول: اللَّمس، وبعضهم يقول: العزم.

وأمَّا قولكم: إنَّه إنَّما أوجب الكفَّارة في الظِّهار المعاد، إن أردتم به المعادَ لفظُه فدعوى بحسب ما فهمتموه، وإن أردتم به الظِّهار المُعَاد فيه لما قال المظاهر، لم يستلزم ذلك إعادةَ اللَّفظ الأوَّل.

وأمَّا حديث عائشة في ظهار أوس بن الصامت، فما أصحَّه! وما أبعدَ دلالَته على مذهبكم!

فصل

ثمَّ الذين جعلوا العَود أمرًا غير إعادة اللَّفظ اختلفوا فيه: هل هو مجرَّد إمساكها بعد الظِّهار أو أمرٌ غيره؟ على قولين:

فقالت طائفةٌ: هو إمساكها زمنًا يتَّسع لقوله: أنتِ طالقٌ، فمتى لم يصل