قالوا: وهذا أولى من تفسير العَود بنفس اللَّفظ الأوَّل، وبالإمساك نفسًا واحدًا بعد الظِّهار، وبتكرار لفظ الظِّهار، وبالعزم المجرَّد ولو طلَّق بعده، فإنَّ هذه الأقوال كلَّها قد تبيَّن ضعفُها، فأقرب الأقوال إلى دلالة اللَّفظ وقواعد الشَّريعة وأقوال المفسِّرين هو هذا القول. وباللَّه التَّوفيق.
فصل
ومنها: أنَّ من عجز عن الكفَّارة لم تسقط عنه، فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أعان أوس بن الصامت بعَرَقٍ من تمرٍ، وأعانتْه امرأته بمثله حتَّى كفَّر، وأمر سلمة بن صخر أن يأخذ صدقةَ قومه فيُكفِّر بها عن نفسه، ولو سقطت بالعجز لما أمرهما بإخراجها، بل تبقى في ذمَّته دَينًا عليه. وهذا قول الشَّافعيِّ وإحدى الرِّوايتين عن أحمد.
وذهبت طائفةٌ إلى سقوطها بالعجز كما تسقط الواجبات بعجزه عنها وعن إبدالها. وذهبت طائفةٌ إلى أنَّ كفَّارة رمضان لا تبقى في ذمَّته، بل تسقط، وغيرها من الكفَّارات لا تسقط، وهذا الذي صحَّحه أبو البركات ابن تيميَّة (١).
واحتجَّ من أسقطها بأنَّها لو وجبت مع العجز لما صُرِفت إليه، فإنَّ الرَّجل لا يكون مصرِفًا لكفَّارته، كما لا يكون مصرِفًا لزكاته.
وأرباب القول الأوَّل يقولون: إذا عجز عنها وكفَّر الغير عنه، جاز أن يصرفها إليه، كما صرفَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كفَّارةَ من جامع في رمضان إليه وإلى أهله، وكما أباح لسلمة بن صخر أن يأكل هو وأهله من كفَّارته التي أخرجها عنه