للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأمَّا المسألة الثَّانية، وهي وقوع الثَّلاث بكلمةٍ واحدةٍ، فاختلف النَّاس فيها على أربعة مذاهب:

أحدها: أنَّها تقع، وهذا قول الأئمَّة الأربعة، وجمهور التَّابعين، وكثيرٍ من الصَّحابة.

الثَّاني: أنَّها لا تقع، بل تُردُّ لأنَّها بدعةٌ محرَّمةٌ، والبدعة مردودةٌ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من عَمِلَ عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ» (١). وهذا المذهب حكاه أبو محمَّد بن حزمٍ (٢)، وحُكِي للإمام أحمد فأنكره، وقال: هذا قول الرَّافضة.

الثَّالث: أنَّه يقع به واحدةٌ رجعيَّةٌ، وهذا ثابتٌ عن ابن عبَّاسٍ، ذكره أبو داود عنه (٣). قال الإمام أحمد: وهذا مذهب ابن إسحاق، يقول: خالف السُّنَّةَ فيُردُّ إلى السُّنَّة (٤)، انتهى. وهو قول طاوسٍ (٥) وعكرمة (٦)، وهو


(١) تقدم تخريجه.
(٢) في «المحلى» (١٠/ ١٦٧).
(٣) في «السنن» إثر حديث (٢١٩٧)، وذكر فيه الاختلاف على أيوب في وقفه على ابن عباس أو جعله مقطوعًا من كلام عكرمة. وسيأتي بيان الآثار المرويَّة عنه.
(٤) كذا ذكر عنه المؤلف في «إغاثة اللهفان» (١/ ٥٠٧).
(٥) أخرج عبد الرزاق (١١٠٨٠، ١١٠٨١) وابن أبي شيبة (١٨١٧٧، ١٨١٧٩) عنه عدَّة آثار، صحَّ منها الأثر الآتي بعدُ، وكلها تدلُّ على تفريقه بين البِكر وغيرها، وهو ما حكاه عنه ابن المنذر في «الإشراف» (٥/ ١٨٨)، و «الأوسط» (٩/ ١٥٥).
(٦) حكاه عنه أبو داود إثر حديث (٢١٩٧) من طريق إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عنه، لكن أخرج عبد الرزاق (١١٠٨١) عن معمر عن ابن طاوس قال: سئل عكرمة ... فقال: «إن كان جمعها لم تحل له .. ، وإن كان فرقها ... فقد بانت بالأولى، وليست الثنتان بشيء، قال: فذكرت ذلك لأبي، فقال: «سواء، هي واحدة على كل حال».