للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس بالجَهاز، وأمر أهله أن يجهزوه، فدخل أبو بكر على ابنته عائشة وهي تُحرِّك بعض جَهاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أي بنيةُ أمركنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتجهيزه؟ قالت: نعم فتجهَّزْ، قال: فأين تَرَينه يريد؟ قالت: لا والله ما أدري. ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم الناسَ أني (١) سائر إلى مكة، وأمرهم بالجد والتجهيز، وقال: «اللهم خذ العيونَ والأخبار عن قريش حتى نَبْغَتَها في بلادها» (٢)، فتجهز الناس.

فكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش كتابًا يخبرهم بمسير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم، ثم أعطاه امرأةً وجعل لها جُعلًا على أن تُبلِّغه قريشًا، فجعلته في قرون رأسها ثم خرجت به، وأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر من السماء بما صنع حاطب فبعث عليًّا والزبير ــ وغير ابن إسحاق يقول: بعث عليًّا والمقداد (٣) ــ فقال: «انطلقا حتى تأتيا رَوضة خاخٍ (٤)

فإن بها ظعينةً معها كتاب إلى قريش»، فانطلقا تَعادى بهما خيلُهما حتى وجدا المرأة بذلك المكان فاستنزلاها وقالا: معكِ كتاب؟ فقالت: ما معي كتاب، ففتَّشا رحلها فلم يجدا شيئًا، فقال لها عليٌّ: أحلف بالله ما كَذَب رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ولا كَذَبْنا، واللهِ


(١) ز، المطبوع: «أنه»، وهو كذلك في مصادر التخريج.
(٢) له شاهد من حديث ميمونة عند الطبراني في «الكبير» (٢٣/ ٤٣٣) و «الصغير» (٩٦٨) بإسناد ضعيف. وآخَرُ من مرسل محمد بن جبير بن مطعم عند الواقدي (٢/ ٧٩٦).
(٣) المؤلف صادر عن «عيون الأثر» (٢/ ١٦٧)، ومراد ابن سيد الناس بـ «غير ابن إسحاق» هو ابن سعد في «طبقاته» (٢/ ١٢٥). والذي صحَّ من حديث عليٍّ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه هو والزبير والمقداد. أخرجه البخاري (٣٠٠٧) ومسلم (٢٤٩٤).
(٤) خاخ: موضع جنوب غربي المدينة قرب حمراء الأسد، ولا يزال معروفًا بهذا الاسم، وكان يسمَّى روضةً لكثرة مياهه وأشجاره ..