للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نكلمه فيه، فالتفت إلى فاطمة وقال (١): هل لك أن تأمري ابنك هذا فيجير بين الناس فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر؟ قالت: والله ما يبلغ ابني ذاك أن يجير بين الناس، وما يجير أحد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: يا أبا الحسن، إني أرى الأمور قد اشتدت علي فانصحني، قال: والله ما أعلم لك شيئًا يغني عنك، ولكنك سيد بني كنانة فقم وأَجِرْ بين الناس ثم الحَقْ بأرضك، قال: أوترى ذلك مغنيًا عني شيئًا؟ قال: لا والله ما أظنه، ولكني ما أجد لك غير ذلك؛ فقام أبو سفيان في المسجد فقال: أيها الناس إني قد أجرتُ بين الناس، ثم ركب بعيره فانطلق.

فلما قدم على قريش قالوا: ما وراءك؟ قال: جئتُ محمدًا فكلمته، فواللهِ ما ردَّ عليَّ شيئًا، ثم جئت ابن أبي قحافة فلم أجد فيه خيرًا، ثم جئت عمر بن الخطاب فوجدته أدنى العدو (٢)، ثم جئت عليًّا فوجدته ألين القوم قد أشار عليَّ بشيءٍ صنعتُه، فوالله ما أدري هل يغني عني شيئًا أم لا؟ قالوا: وبِمَ أمرك؟ قال: أمرني أن أجيرَ (٣) بين الناس ففعلت، قالوا: فهل أجاز ذلك محمد؟ قال: لا، قالوا: ويلك واللهِ إن زاد الرجلُ على أن لعب بك! قال: لا والله ما وجدتُ غير ذلك.


(١) «فاطمة وقال» سقط من صلب ف وكتبه الناسخ في الهامش الأيسر مصححًا عليه. وكتب أيضًا في الهامش الأيمن مصححًا عليه: «فاطمة فقال يا بنت»، وهو كذلك في مصادر التخريج إلا أن الناسخ سقط عليه «محمد» سهوًا، أي: «فالتفت إلى فاطمة فقال: يا بنت [محمد] هل لك ... ». وأثبتُّ الأول لموافقته سائر الأصول.
(٢) أي أقربهم لنا عداوة، وفي المطبوع: «أعدى العدو» خلافًا للأصول ولفظ ابن إسحاق، وإنما هو لفظ ابن هشام كما صرَّح به مميزًا له عن لفظ ابن إسحاق في «سيرته».
(٣) ص، ز، د، ث: «أجِرْ» بصيغة الأمر على أن «أن» تفسيرية.