للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن إسحاق (١): وحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حُدِّث عن زيد بن أرقم قال: كنت يتيمًا لعبد الله بن رواحة فخرج في سفره ذلك مُردفي على حقيبةِ رَحلِه، فوالله إنه ليسير ليلةً إذ سمعته وهو ينشد:

إذا أدنيتِني وحملتِ رحلي ... مسيرةَ أربعٍ بعد الحِساء

فشأنَكِ فانعَمي وخَلَاك ذمٌّ ... ولا أرجعْ إلى أهلي ورائي

وجاء المسلمون وغادروني ... بأرض الشام مشتهرِ الثَّواء (٢)

فصل

وقد وقع في الترمذي (٣) وغيره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة يوم الفتح وعبد الله بن رواحة بين يديه ينشد:

خلوا بني الكفار عن سبيله ... (الأبيات)

وهذا وهْم، فإن ابن رواحة قتل في هذه الغزوة وهي قبل الفتح بأربعة أشهر ــ وإنما كان يُنشَد بين يديه بشعر ابن رواحة ــ، وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل النقل.


(١) كما في «سيرة ابن هشام» (٢/ ٣٧٦)، والمؤلف صادر عن «عيون الأثر» (٢/ ١٥٤).
(٢) كذا في الأصول، والرواية عند ابن هشام وابن سيد الناس: «مشتَهِيَ الثواء» أي حال كونه يشتهي البقاء هناك ولا يريد رجوعًا. وذكر السُّهَيلي في «الروض الأنف» وجهًا آخر: «مُستَنهى الثواء» أي حيث انتهى مثواه. وفي «تاريخ الإسلام» للذهبي (١/ ٣٢٩): «مشهور الثواء».
(٣) الذي عنده (٢٨٤٧) من حديث أنس أن ذلك كان في عمرة القضاء، وانظر تعليق الترمذي عليه وتعقيب الحافظ في «الفتح» (٧/ ٥٠٢).