للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليك، إن شئتَ فتقدَّمْ، وإن شئتَ فتأخَّرْ (١).

المذهب الثَّالث عشر: الفرق بين أن يُوقِع التَّحريم منجَّزًا أو معلَّقًا تعليقًا مقصودًا، وبين أن يُخرِجه مُخرَجَ اليمين، فالأوَّل ظهارٌ بكلِّ حالٍ، ولو نوى به الطَّلاق، ولو وصله بقوله: أعني به الطَّلاق. والثَّاني: يمينٌ يلزمه به كفَّارة يمينٍ. فإذا قال: أنتِ عليَّ حرامٌ، أو إذا دخل رمضان فأنتِ عليَّ حرامٌ= فظهارٌ، وإذا قال: إن سافرتُ، أو إن أكلتُ هذا الطَّعام، أو كلَّمتُ فلانًا، فامرأتي عليَّ حرامٌ= فيمينٌ مكفَّرةٌ. وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - (٢).

فهذه أصول المذاهب في هذه المسألة، وتتفرَّع إلى أكثر من عشرين مذهبًا.

فصل

فأمَّا من قال: التَّحريم كلُّه لغوٌ لا شيء فيه، فاحتجُّوا بأنَّ الله سبحانه لم يجعل للعبد تحريمًا ولا تحليلًا، وإنَّما جعل له تَعاطِيَ الأسباب التي تَحِلُّ بها العين وتَحْرُم، كالطَّلاق والنِّكاح والبيع والعتق، وأمَّا مجرَّد قوله: حرَّمتُ كذا، وهو عليَّ حرامٌ، فليس إليه. قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [النحل: ١١٦]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١]. فإذا كان سبحانه لم يجعل لرسوله أن يحرِّم ما أحلَّ الله له، فكيف يجعل لغيره التَّحريم؟


(١) سبق تخريجه.
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ٥٨ - ٦١، ٧٤ - ٧٥).