قيل: في ذلك قولان للشَّافعيِّ، وهما روايتان منصوصتان عن أحمد.
إحداهما: أنَّه لا لعانَ بينهما، ويلزمه الولد. وهي اختيار الخرقي.
والثَّانية: له أن يلاعن لنفي الولد، فينتفي عنه بلعانه وحده. وهي اختيار أبي البركات ابن تيمية (١)، وهي الصَّحيحة.
فإن قيل: فخالفتم حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ الولد للفراش.
قلنا: معاذ اللَّه، بل وافقنا أحكامه حيث وقع غيرنا في خلاف بعضها تأويلًا، فإنَّه إنَّما حكم بالولد للفراش حيث ادَّعاه صاحب الفراش، فرجَّح دعواه بالفراش وجعلَه له، وحكمَ بنفيه عن صاحب الفراش حيث نفاه عن نفسه وقطعَ نسبه منه، وقضى أن لا يُدعى لأبٍ. فوافقنا الحكمين، وقلنا بالأمرين، ولم نُفرِّق تفريقًا باردًا جدًّا سَمِجًا لا أثرَ له في نفي الولد حملًا ونفيه مولودًا، فإنَّ الشَّريعة لا تأتي على هذا الفرق الصُّوريِّ الذي لا معنى تحتَه البتَّةَ، وإنَّما يرتضي هذا مَن قلَّ نصيبُه من ذوق الفقه وأسرار الشَّريعة ومعانيها وحِكَمها، والله المستعان، وبه التَّوفيق.
فصل
الحكم السَّابع: إلحاق الولد بأمِّه عند انقطاع نسبه من جهة أبيه، وهذا الإلحاق يفيد حكمًا زائدًا على إلحاقه بها مع ثبوت نسبه من الأب، وإلَّا كان عديم الفائدة، فإنَّ خروج الولد منها أمرٌ محقَّقٌ، فلا بدَّ في الإلحاق من أمرٍ زائدٍ عليه، وعلى ما كان حاصلًا مع ثبوت النَّسب من الأب. وقد اختُلِف في ذلك.