للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لصاحب الفراش، قال (١): فصحَّ أنَّ كلَّ من وُلِد على فراشه ولدٌ فهو ولده، إلا حيث نفاه الله تعالى على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو حيث يُوقِن بلا شكٍّ أنَّه ليس ولده، ولم ينْفِه - صلى الله عليه وسلم - إلا وهي حاملٌ باللِّعان فقط، فبقي ما عدا ذلك على لحاق النَّسب. قال (٢): ولذلك قلنا: إن صدَّقتْه في أنَّ الحمل ليس منه، فإنَّ تصديقها له لا يُلتفت إليه؛ لأنَّ الله تعالى يقول: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤]، فوجب أنَّ إقرار الأبوين لا يصدُق (٣) على نفي الولد، فيكون كسبًا على غيرهما، وإنَّما نفى الله سبحانه الولدَ إذا أكذَبتْه الأمُّ والتعنَتْ هي والزَّوج فقط، فلا ينتفي في غير هذا الموضع. انتهى كلامه.

وهذا ضدُّ مذهب من يقول: إنَّه لا يصحُّ اللِّعان على الحمل حتَّى تضعه، كما يقوله أحمد وأبو حنيفة. والصَّحيح صحَّته على الحمل وعلى الولد بعد وضعه، كما قاله مالك والشَّافعيُّ، فالأقوال ثلاثةٌ.

ولا تَنافيَ بين هذا الحكم وبين الحكم بكون (٤) الولد للفراش بوجهٍ ما، فإنَّ الفراش قد زال باللِّعان، وإنَّما حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنَّ الولد للفراش عند تعارض الفراش ودعوى الزَّاني، فأبطل دعوى الزَّاني للولد، وحكم به لصاحب الفراش. وهاهنا صاحب الفراش قد نفى الولد عنه.

فإن قيل: فما تقولون لو لاعنَ لمجرَّد نفي الولد مع قيام الفراش فقال: لم تَزْنِ ولكن ليس هذا الولد ولدي؟


(١) في «المحلى» (١٠/ ١٤٧).
(٢) الكلام متصل بما قبله.
(٣) في المطبوع: «يصدق» بإسقاط «لا» خلاف النسخ و «المحلى»، وهو يقلب المعنى.
(٤) م: «بأن يكون».