للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال من رجَّح الغيث الشِّتويَّ: حرارة الشَّمس تكون حينئذٍ أقلَّ، فلا تجتذب من ماء البحر إلا ألطفَه. والجوُّ صافٍ وهو خالٍ من الأبخرة الدُّخانيَّة والغبار المخالط للماء. وكلُّ هذا يوجب لطفه وصفاءه وخلوَّه من مُخالط.

قال من رجَّح الرَّبيعيَّ: الحرارة توجب تحلُّل الأبخرة الغليظة، وتوجب رقَّة الهواء ولطافته، فيخفُّ بذلك الماءُ، وتقلُّ أجزاؤه الأرضيَّة، وتصادف وقت حياة النَّبات والأشجار وطيب الهواء.

وذكر الشَّافعيُّ (١) عن أنس بن مالكٍ قال: كنَّا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأصابنا مطرٌ، فحسَر عنه (٢) وقال: «إنَّه حديث عهدٍ بربِّه». وقد تقدَّم في هديه في الاستسقاء ذكرُ استمطاره - صلى الله عليه وسلم - وتبرُّكه بماء الغيث عند أوَّل مجيئه.

[حرف الفاء]

فاتحة الكتاب وأمُّ القرآن والسَّبعُ المثاني: الشِّفاء (٣) التَّامُّ، والدَّواء النَّافع، والرُّقية التَّامَّة، ومفتاح الغنى والفلاح، وحافظة القوَّة، ودافعة الهمِّ والغمِّ والخوف والحزن، لمن عرف مقدارها، وأعطاها حقَّها، وأحسن تنزيلَها على دائه، وعرف وجهَ الاستشفاء والتَّداوي بها، والسِّرَّ الذي لأجله كان كذلك.


(١) قال الشَّافعيُّ في «الأمِّ» (١/ ٢٨٨): «بلغنا أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يتمطَّر في أوَّلِ مطرةٍ حتَّى يصيب جسده». وينظر: «البيان» للعمرانيِّ (٢/ ٦٨٨). وحديث أنس - رضي الله عنه - أخرجه مسلم (٨٩٨).
(٢) كذا في النسخ الخطية والطبعات القديمة، وفي كتاب الحموي (ص ٥٦٢). يعني: فحسر النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه ثوبه حتى أصابه المطر. وقد غيَّره الفقي إلى «فحسر عن ساقه»! ثم غُيِّر في طبعة الرسالة إلى «فحسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوبه»، وحُذف «عنه»!
(٣) في النسخ المطبوعة: «والشفاء»، وهو خطأ مخلٌّ بالسياق.