للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

في هديه في (١) الاحتماء من التُّخم والزِّيادة في الأكل على قدر الحاجة، والقانون الذي ينبغي مراعاته في الأكل والشُّرب

في «المسند» (٢) وغيره عنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنٍ. بحسب ابن آدم لُقَيماتٌ يُقِمْنَ صلبَه، فإن كان لا بدَّ فاعلًا فثلثٌ لطعامه، وثلثٌ لشرابه، وثلثٌ لنفسه».

الأمراض نوعان: أمراضٌ مادِّيَّةٌ تكون عن زيادة مادَّةٍ أفرطت في البدن حتَّى أضرَّت بأفعاله الطَّبيعيَّة، وهي الأمراض الأكثريَّة. وسببها إدخال الطَّعام على البدن قبل هضم الأوَّل، والزِّيادةُ في القدر الذي يحتاج إليه البدن، وتناولُ الأغذية القليلة النَّفع البطيئة الهضم، والإكثارُ من الأغذية المختلفة التَّراكيب المتنوِّعة. فإذا ملأ الآدميُّ بطنه من هذه الأغذية واعتاد ذلك أورثته أمراضًا متنوِّعةً، منها بطيءُ الزَّوال وسريعُه. فإذا توسَّط في الغذاء، وتناول منه قدرَ الحاجة، وكان معتدلًا في كمِّيَّته وكيفيَّته= كان انتفاع البدن به أكثر من انتفاعه بالغذاء الكثير.

ومراتب الغذاء ثلاثةٌ:


(١) ف، د، ل: «من».
(٢) برقم (١٧١٨٦) من طريق يحيى بن جابر الطَّائي عن المقدام بن معدي كرب به. وأخرجه أيضًا التِّرمذي (٢٣٨٠)، والنَّسائي في «الكبرى» (٦٧٦٩، ٦٧٧٠)، وأُعلَّ بالانقطاع. قال التِّرمذي: «هذا حديث حسن صحيح»، وصحَّحه ابن حبَّان (٦٧٤)، والحاكم (٤/ ٣٣١ - ٣٣٢)، وحسَّنه ابن حجر في «الفتح» (٩/ ٥٢٨).