للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليك فيما أمرته به ونهيته عنه، فخالفك؟ فإن قبلتَه فلا تلُم من عصاك، وأخذ مالك، وقذف عرضك، وضيَّع حقوقك. وإن لم تقبله فكيف يكون مقبولًا منك في دفع حقِّ الله (١) عليك؟ وقد روي في أثرٍ إسرائيليٍّ أنَّ إبراهيم الخليل قال: يا ربِّ ممَّن الدَّاء؟ قال: منِّي. قال: فممَّن الدَّواء؟ قال: منِّي. قال: فما بال الطَّبيب؟ قال: رجلٌ أُرسِلَ الدَّواءُ على يديه (٢).

وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لكلِّ داءٍ دواءٌ» تقويةٌ لنفس المريض والطَّبيب، وحثٌّ على طلب ذلك الدَّواء والتَّفتيش عليه؛ فإنَّ المريض إذا استشعرت نفسُه أنَّ لدائه دواءً يزيله، تعلَّق قلبه برَوح الرَّجاء، وبرَد من حرارة اليأس (٣)، وانفتح له باب الرَّجاء. ومتى قويت نفسه انبعثت حرارته الغريزيَّة، وكان ذلك سببًا لقوَّة الأرواح الحيوانيَّة والنَّفسانيَّة والطَّبيعيَّة، ومتى قويت هذه الأرواح قويت القوى الَّتي هي حاملةٌ لها، فقهرت المرضَ ودفعته (٤).

وكذلك الطَّبيب إذا علم أنَّ لهذا الدَّاء دواءً أمكنه طلبُه والتَّفتيشُ عليه. وأمراضُ الأبدان على وِزانِ (٥) أمراض القلوب، وما جعل الله للقلب مرضًا إلا جعل له شفاءً بضدِّه، فإن علِمَه صاحبُ الدَّاء، واستعمله، وصادف داءَ قلبه= أبرأه بإذن الله.


(١) ن: «حقوق الله».
(٢) ينظر: «مختصر في الطِّبِّ» (ص ١٠) لعبد الملك بن حبيب. وفي كتاب الحموي (ص ٥٩ - ٦٠) أنه روي عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٣) غيَّره الفقي إلى «وبردت عنده حرارة اليأس»، وكذا في طبعة الرسالة خلافًا لأصلها.
(٤) انظر: كتاب الحموي (ص ٦٠).
(٥) د، حط، ل: «وزن». س، ن: «أوزان».