للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجوع والعطش والبرد والحرِّ (١) بأضدادها، وكردِّ قدر العدوِّ بالجهاد. وكلٌّ من قدر الله: الدَّافعُ والمدفوعُ والدَّفعُ.

ويقال لمُورِد هذا السُّؤال: هذا يوجب عليك أن لا تباشر شيئًا من الأسباب الَّتي تجلب بها منفعةً أو تدفع بها مضرَّةً، لأنَّ المنفعة والمضرَّة إن قدِّرتا لم يكن بدٌّ من وقوعهما، وإن لم تقدَّرا (٢) لم يكن سبيلٌ إلى وقوعهما. وفي ذلك خراب الدِّين والدُّنيا وفساد العالم. وهذا لا يقوله إلا دافعٌ للحقِّ معاندٌ (٣) له فيذكر القدرَ ليدفع حجَّة المُحِقِّ عليه، كالمشركين الذين قالوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} [الأنعام: ١٤٨]، و {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا} [النحل: ٣٥]. فهذا قالوه دفعًا لحجَّة الله عليهم بالرُّسل.

وجواب هذا السَّائل أن يقال: بقي قسمٌ ثالثٌ لم تذكره، وهو أنَّ الله قدَّر كذا وكذا بهذا السَّبب، فإن أتيت بالسَّبب حصل المسبَّب، وإلَّا فلا.

فإن قال: إن كان قدَّر (٤) لي السَّبب فعلته، وإن لم يقدِّره (٥) لي لم أتمكَّن من فعله.

قيل: فهل تقبل هذا الاحتجاج من عبدك وولدك وأجيرك إذا احتجَّ به


(١) ن: «الحر والبرد».
(٢) في معظم النسخ: «يقدَّرا» بالياء.
(٣) د: «معاندًا».
(٤) س، ل: «قد قدر».
(٥) ث، ل: «يُقدَّر».