للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأصحِّ إسناد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يوم الحج الأكبر يوم النحر» (١)، وكذلك قال أبو هريرة (٢)، وجماعة من الصحابة (٣).

ويوم عرفة مقدِّمة ليوم النحر بين يديه، فإن فيه يكون الوقوف والتضرع والتوبة (٤) والاستقالة، ثم يوم النحر تكون الوفادة والزيارة. ولهذا سمِّي طوافه طواف الزيارة؛ لأنهم قد طُهِّروا من ذنوبهم يوم عرفة، ثم أُذِن لهم يوم النحر في زيارته، والدخول عليه إلى بيته. ولهذا كان فيه ذبح القرابين، وحلق الرؤوس، ورمي الجمار، ومعظم أفعال الحج، وعمل يوم عرفة كالطهور والاغتسال بين يدي هذا اليوم.

وكذلك تفضيل عشر ذي الحجة على غيره من الأيام، فإن أيامه أفضل الأيام عند الله. وقد ثبت في «صحيح البخاري» (٥) عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من أيامٍ العملُ الصالحُ فيها أحبُّ إلى الله منه في (٦) الأيام العشر»، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء». وهي الأيام العشر التي أقسم الله تعالى بها في كتابه بقوله: {(٢٦) (١) وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: ١ - ٢]،


(١) وانظر: «التبيان» للمؤلف (ص ٤٢ - ٤٣).
(٢) أخرجه البخاري (٣١٧٧، ٤٦٥٧). وانظر: «صحيح مسلم» (١٣٤٧).
(٣) انظر: «مصنف ابن أبي شيبة» (٨/ ٦٢٣، ٦٢٤ ــ في يوم الحج الأكبر).
(٤) في هامش ن زاد بعضهم بعده: «الابتهال».
(٥) برقم (٩٦٩). واللفظ أشبه بلفظ أحمد (١٩٦٨) وأبي داود (٢٤٣٨) والترمذي (٧٥٧) وابن ماجه (١٧٢٧).
(٦) ن: «في هذه».