للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استقبل بها وجوههم فقال: «شاهت (١) الوجوه»، فما خلق اللهُ منهم إنسانًا إلا ملأ عينيه ترابًا بتلك القبضة فولَّوا مدبرين.

وذكر ابن إسحاق (٢) عن جبير بن مطعم قال: لقد رأيت قبل هزيمة القوم والناسُ يقتتلون مثلَ البِجادِ الأسود (٣) أقبلَ من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم، فنظرت فإذا نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادي، فلم يكن إلا هزيمةُ القوم، فلم أشك أنها الملائكة.

قال ابن إسحاق (٤): ولما انهزم المشركون أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف، وعسكر بعضُهم بأوطاس وتوجه بعضُهم نحو نخلةَ، وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آثار من توجه قِبَل أوطاسٍ أبا عامر الأشعري، فأدرك من الناس بعضَ من انهزم فناوشوه القتال فرُمِي بسهمٍ فقُتِل، فأخذ الراية أبو موسى الأشعري ــ وهو ابن عمِّه (٥) ــ فقاتل ففتح الله عليه وهزمهم الله، وقَتَل قاتِلَ أبي عامر،


(١) هامش ف بخط الناسخ: «أي: قَبُحت».
(٢) عن أبيه إسحاق بن يسار أنَّه حُدِّث عن جبير بن مطعم. «سيرة ابن هشام» (٢/ ٤٤٩) و «عيون الأثر» (٢/ ١٩٢). وأخرجه الواقدي (٣/ ٩٠٥) من طريق سعيد بن محمد بن جبير بن مُطعم عن أبيه عن جدّه بنحوه، وأخرج أيضًا بإسناده عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زُرارة عن شيوخ مِن قومه من الأنصار نحوه.
(٣) البجاد: كساء يُعمل من صوف أو وبر. وفي رواية الواقدي: مثل الظُّلَّة السوداء.
(٤) «سيرة ابن هشام» (٢/ ٤٥٣ - ٤٥٥) إلى قوله: «ففتح الله عليه وهزمهم»، وما بعده ففي «طبقات ابن سعد» (٢/ ١٤٠) بنحوه. والمؤلف صادر عن «عيون الأثر» (٢/ ١٩٢). والخبر مخرَّج في البخاري (٤٣٢٣) ومسلم (٢٤٩٨) من حديث أبي موسى مطولًا.
(٥) كذا في جميع الأصول والطبعة الهندية و «سيرة ابن هشام» و «عيون الأثر»، وهو وهم، فإن أبا موسى ابن أخيه كما هو منصوص في كتب التراجم وغيرها، وأيضًا ففي الحديث المتفق عليه أن أبا موسى سأله حين رُمي بسهم فقال: «يا عمِّ مَن رماك؟». وقد أُثبت الصواب في طبعة الرسالة دون تنبيه.