للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والَّذين أبطلوا التَّتابع معهم ظاهرُ القرآن، فإنَّه سبحانه أمر بشهرين متتابعين قبل المسيس، ولم يوجد، ولأنَّ ذلك يتضمَّن النَّهي عن المسيس قبل إكمال الصِّيام وتحريمه، وهو يوجب عدم الاعتداد بالصَّوم؛ لأنَّه عملٌ ليس عليه أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيكون رَدًّا.

وسرُّ المسألة أنَّه سبحانه أوجب أمرين أحدهما: تتابع الشَّهرين، والثَّاني: وقوع صيامهما قبل التَّماسِّ، فلا يكون قد أتى بما أُمِر به إلا بمجموع الأمرين.

فصل

ومنها: أنَّه سبحانه أطلق إطعام المساكين، ولم يُقيِّده بقدرٍ ولا تتابعٍ، وذلك يقتضي أنَّه لو أطعمهم فغدَّاهم أو عشَّاهم من غير تمليك حبٍّ أو تمرٍ جاز، وكان ممتثلًا لأمر اللَّه. وهذا قول الجمهور: مالك وأبي حنيفة وأحمد في إحدى الرِّوايتين عنه، وسواءٌ أطعمهم جملةً أو متفرِّقين.

فصل

ومنها: أنَّه لا بدَّ من استيفاء عدد السِّتِّين، فلو أطعم واحدًا ستِّين يومًا لم يُجْزِئْه إلا عن واحدٍ. هذا قول الجمهور مالك والشَّافعيِّ وأحمد في إحدى الروايات (١) عنه. والثَّانية: أنَّ الواجب طعام ستِّين مسكينًا، ولو لواحد، وهو مذهب أبي حنيفة. والثَّالثة: أنه إن وجد غيره لم يُجزِئْه، وإلَّا أجزأه، وهذه ظاهر مذهبه، وهي أصحُّ الأقوال.


(١) في المطبوع: «الروايتين» خلاف النسخ.