للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحيحًا عنده، لكان أدنى درجاته عنده الاستحباب. وقد يقال: إن عائشة روت هذا وهذا، فكان يفعل هذا تارةً وهذا تارةً، فليس في ذلك اختلاف (١)، فإنه من المباح، والله أعلم.

وفي اضطجاعه على شقِّه الأيمن سرٌّ، وهو أنَّ القلب معلَّقٌ في الجانب الأيسر، فإذا نام الرجل على الجانب الأيسر استثقل نومًا، لأنه يكون في دعة واستراحة، فيثقل نومه. فإذا نام على الشِّقِّ الأيمن، فإنه يقلق ولا يستغرق في النوم، لقلق القلب، وطلب مستقَرِّه من الصدر (٢)، وميله إليه. ولهذا تستحبُّ الأطِبَّاءُ النومَ على الجانب الأيسر، لكمال الراحة وطيب المنام (٣). وصاحبُ الشرع يستحِبُّ النوم على الجانب الأيمن، لئلا يثقل في نومه، فينامَ عن قيام الليل. فالنوم على الجانب الأيمن أنفع للقلب، وعلى الأيسر أنفع للبدن. والله أعلم.

فصل

في هديه - صلى الله عليه وسلم - في قيام الليل

وقد اختلف السلف والخلف في أنه: هل كان فرضًا عليه أم لا؟ والطائفتان احتجُّوا بقوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: ٧٩]. قالوا: فهذا صريحٌ في عدم الوجوب.

قال الآخرون: أمَره بالتهجُّد في هذه السورة، كما أمَره به في قوله: {يَاأَيُّهَا


(١) ق: «خلاف».
(٢) ق، مب، ن: «وطلبه مستقرَّه».
(٣) وانظر ما يأتي في المجلد الرابع (ص ٣٤٥، ٣٥٠).