للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل: ١ ــ ٢]، ولم يجئ ما ينسخه عنه. وأما قوله: {نَافِلَةً لَكَ} فلو كان المراد به التطوُّع، لم يخصَّه بكونه نافلةً له. وإنما المراد بالنافلة: الزيادة، ومطلق الزيادة لا يدل على التطوُّع. قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبياء: ٧٢]، أي زيادةً على الولد. وكذلك النافلة في تهجُّد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - زيادةٌ في درجاته وفي أجره، ولهذا خصَّه بها؛ فإنَّ قيام الليل في حقِّ غيره ماحٍ (١) ومكفِّرٌ للسيئات. وأما النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقد غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، فهو يعمل في زيادة الدرجات وعلوِّ المراتب، وغيرُه يعمل في التكفير.

قال مجاهد: إنما كان نافلةً للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأنه قد غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، فكانت طاعاته (٢) نافلةً أي زيادةً في الثواب، ولغيره كفَّارةً لذنوبه. قال ابن المنذر في «تفسيره» (٣): حدثنا (٤) علي، عن أبي عبيد (٥)، حدثنا حجاج،


(١) ك، ع، مب، ن: «مباح»، وكذا في النسخ المطبوعة، وهو تحريف.
(٢) ك، ع: «طاعته».
(٣) كما في «الدر المنثور» (٩/ ٤١٧)، وكذلك أخرجه محمد بن نصر في «قيام الليل» (ص ٣٣ - المختصر). وأخرجه أيضًا ابن جرير الطبري في «تفسيره» (١٧/ ٥٢٥) من طريق حجاج (المصيصي) به، والبيهقي في «الدلائل» (٥/ ٤٨٧) من طريق آخر عن عبد الله بن كثير به.
(٤) ك، ع: «أنبأنا» هنا وفيما يأتي.
(٥) كذا في الأصول والطبعة الهندية. وعلي هو ابن عبد العزيز البغوي صاحب أبي عبيد. يروي عنه ابن المنذر في «تفسيره» كثيرًا. وفي مب: «علي بن أبي عبيد» وكذا في الطبعة الميمنية وهو خطأ، فأصلحه الفقي: «يعلى بن أبي عبيد» وتابعته طبعة الرسالة.