للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدهم، والثانية استفرغت قُواهم واستنفدت سهامهم وأذلَّت جميعَهم (١) حتى لم يجدوا بُدًّا من الدخول في دين الله.

ومنها: أن الله سبحانه جبر بها أهل مكة وفرَّحهم بما نالوه من النصر والمغنم، فكانت كالدواء لِما نالهم مِن كسرهم وإن كان عينَ جبرهم، وعرَّفهم تمام نِعَمه عليهم بما صرف عنهم من شرِّ هوازن وأنَّه لم يكن لهم بهم طاقة، وإنما نُصِروا عليهم بالمسلمين، ولو أُفردوا عنهم لأكلهم عدوُّهم.

إلى غير ذلك من الحكم التي لا يحيط بها إلا الله.

فصل

وفيها من الفقه: أن الإمام ينبغي له أن يبعث العيون ومن يدخل بين عدوِّه ليأتيه بخبرهم، وأن الإمام إذا سمع بقصد عدوِّه له وفي جيشه قوَّةٌ ومنَعةٌ لا يقعد ينتظرهم، بل يسير إليهم كما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هوازن حتى لقيهم بحنين.

وفيها (٢): أن الإمام له أن يستعير سلاح المشركين وعُدَّتهم لقتال عدوه، كما استعار النبي - صلى الله عليه وسلم - أدراع صفوان وهو يومئذ مشرك.

ومنها: أن من تمام التوكل استعمال الأسباب التي نصبها الله لمسبَّباتها قدرًا وشرعًا، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أكملُ الخلق توكلًا وإنما كانوا يَلقَون عدوَّهم وهم متحصِّنون بأنواع السلاح.

ودخل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مكة والبيضة على رأسه، وقد أنزل الله عليه:


(١) المطبوع: «جمعَهم»، وهما بمعنى.
(٢) س، المطبوع: «ومنها».