للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُنبِّهٍ قال: «سألت جابرًا: هل غنموا يوم الفتح شيئًا؟ قال: لا»، وكانوا قد فتحوها بإيجاف الخيل والركاب، وهم عشرة آلاف وفيهم حاجة إلى ما يحتاج إليه الجيش من أسباب القوة= فحرَّك (١) سبحانه قلوب المشركين لغزوهم، وقَذَف في قلوبهم إخراج أموالهم ونَعَمهم وشائِهم وسَبْيِهم معهم، نُزُلًا وضيافةً وكرامةً لحزبه وجنده.

وتمَّم تقديرَه سبحانه بأن أَطمَعَهم في الظَّفر وألاح لهم مبادئ النصر ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا. فلما أنزل الله نصره على رسوله وأوليائه، وبَرَدت (٢) الغنائمُ لأهلها، وجرت فيها سهامُ الله ورسولِه= قيل: لا حاجة لنا في دمائكم ولا في نسائكم وذَراريِّكم، فأوحى سبحانه إلى قلوبهم التوبة والإنابة فجاؤوا مسلمين، فقيل: إنَّ مِن شُكران (٣) إسلامكم وإتيانكم أن نرُدَّ عليكم نساءكم وأبناءكم وسبيكم و {إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنفال: ٧٠].

ومنها: أن الله سبحانه افتتح غزو العرب بغزوة بدرٍ وختم غزوهم بغزاة حُنَين، ولهذا يُقرَن بين هاتين الغزاتين بالذكر فيقال: «بدر وحنين» وإن كان بينهما سبع سنين، والملائكة قاتلت بأنفسها مع المسلمين في هاتين الغزاتين، والنبي - صلى الله عليه وسلم - رمى وجوهَ المشركين بالحصباء فيهما، وبهاتين الغزاتين طفئت جمرةُ العرب لغزو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين، فالأُولى: خوَّفتهم وكسرت مِن


(١) هو جواب «لمّا منع الجيش ... » إلخ، والجادّة عدم اقتران جوابها بالفاء، ولعله سها لطول الفصل.
(٢) س، ن: «وبرزت»، تصحيف.
(٣) المطبوع: «شكر» خلافًا للأصول.