للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكلًا هو ومَن معه في البيت حتى نَهِلوا وأكلت معهم سدرة، ثم قال: «اذهبي بما بقي إلى ضيفكم»، قالت سدرة: فرجعت بما بقي في القصعة إلى مولاتي، قالت: فأكل منها الضيف ما أقاموا، نُردِّدها عليهم وما تَغيض حتى جعل الضيف يقولون: يا أبا معبد، إنك لتُنهلنا من أحب الطعام إلينا، وما كنا نقدر على مثل هذا إلا في الحين، وقد ذُكر لنا أن الطعام ببلادكم إنما هو العُلَق أو نحوه ونحن عندك في الشبع، فأخبرهم أبو معبد بخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أكل منها أُكَلًا وردَّها، فهذه بركة أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعل القوم يقولون: نشهد أنه رسول الله وازدادوا يقينًا، وذلك الذي أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وتعلَّموا الفرائض وأقاموا أيامًا، ثم جاؤوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فودَّعُوه (١)، وأمر لهم بجوائزهم، وانصرفوا إلى أهليهم.

فصل

في قدوم وفد عُذْرة

وقدم عليه - صلى الله عليه وسلم - وفدُ عُذرةَ (٢) في صفر سنة تسعٍ اثنا عشر رجلًا فيهم جمرة (٣) بن النعمان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من القوم؟» فقال متكلمهم: من لا تُنكره، نحن بنو عُذرة، إخوة قُصَيٍّ لأمه، نحن الذين عضدوا قُصيًّا وأزاحوا من بطن مكة خزاعة وبني بكر، ولنا قرابات وأرحام، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مرحبًا بكم وأهلًا، ما أعرَفَني بكم!».


(١) النسخ المطبوعة: «يودعونه» خلافًا للأصول ولمصدر النقل.
(٢) هم بنو عذرة بن سعدِ هُذَيم من قُضاعة. «نهاية الأرب» (ص ٣٥٩).
(٣) في عامة الأصول: «حمزة»، تصحيف. وانظر: «الإصابة» (٢/ ٢٢٤).