للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمَّ الذين يُجوِّزون لها الفسخ يقولون: لها أن تفسخ ولو كان معها القناطير المقنطرة من الذَّهب والفضَّة إذا عجز الزَّوج عن نفقتها، وبإزاء هذا القول قولُ منجنيقِ الغرب أبي محمد ابن حزم (١): إنَّه يجب عليها أن تنفق عليه في هذه الحال، فتعطيه مالها وتمكِّنه من نفسها. ومن العجائب قول العنبري بأنَّه يُحْبَس.

وإذا تأمَّلت أصول الشَّريعة وقواعدها، وما اشتملت عليه من المصالح ودرء المفاسد، ودفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما، وتفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما= تبيَّن لك القول الرَّاجح من هذه الأقوال، وباللَّه التَّوفيق.

فصل

في حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الموافق لكتاب الله أنه

لا نفقة للمبتوتة ولا سكنى

روى مسلم في «صحيحه» (٢) عن فاطمة بنت قيس: أنَّ أبا عمرو بن حفص طلَّقها البتَّةَ وهو غائبٌ، فأرسل إليها وكيله بشعيرٍ، فسَخِطَتْه، فقال: والله ما لكِ علينا من شيءٍ، فجاءت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت ذلك له، فقال: «ليس لكِ عليه نفقةٌ»، فأمرها أن تعتدَّ في بيت أم شَرِيك، ثمَّ قال: «تلك امرأةٌ يغشاها أصحابي، اعتدِّي عند ابن أمِّ (٣) مكتومٍ، فإنَّه رجلٌ أعمى تضعين


(١) في «المحلى» (١٠/ ٩٢).
(٢) برقم (١٤٨٠/ ٣٦).
(٣) «أم» ليست في د.