للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مالٍ أو ترك الإنفاقَ على امرأته ولم تقدر على أخْذِ كفايتها من ماله بنفسها ولا بالحاكم= أنَّ لها الفسخَ، وإن تزوَّجتْه عالمةً بعسرته أو كان موسرًا ثمَّ أصابته جائحةٌ اجتاحتْ ماله فلا فسخَ لها في ذلك، ولم يزل النَّاسُ تصيبهم الفاقة بعد اليسار ولم ترفعهم أزواجُهم إلى الحكَّام ليفرِّقوا بينهم وبينهنَّ، وباللَّه التَّوفيق.

وقد قال جمهور الفقهاء: لا يثبت لها الفسخ بالإعسار بالصَّداق، وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه وهو الصَّحيح من مذهب أحمد، اختاره عامَّة أصحابه، وهو قول كثيرٍ من أصحاب الشَّافعيِّ. وفصَّل الشَّيخ أبو إسحاق وأبو عليِّ بن أبي هريرة فقالا: إن كان قبل الدُّخول ثبت به الفسخ، وبعده لا يثبت، وهو أحد الوجوه في مذهب أحمد. هذا (١) مع أنَّه عوضٌ محضٌ، وهو أحقُّ أن يُوفَّى به من ثمن المبيع كما دلَّ عليه النَّصُّ، وكلُّ ما تقرَّر في عدم الفسخ به فمثلُه في النَّفقة وأولى.

فإن قيل: في الإعسار بالنَّفقة من الضَّرر اللَّاحق بالزَّوجة ما ليس في الإعسار بالصَّداق، فإنَّ البنية (٢) تقوم بدونه بخلاف النَّفقة.

قيل: والبِنية قد تقوم بدون نفقته بأن تُنفِق من مالها أو ينفق عليها ذو قرابتها أو تأكل من غَزْلها، وبالجملة فتعيش بما تعيش به زمن العدَّة، وتقدِّر زمنَ عُسْرة (٣) الزَّوج كلَّه عدَّةً.


(١) «هذا» ليست في ز.
(٢) ز، ح، د، م: «البينة».
(٣) د، ص، ح: «عشرة».