للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

فلما دنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة خرج الناس لتلقيه، وخرج النساء والصبيان والولائد يقلن:

طلع البدرُ علينا ... من ثنيَّات الوداع

وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع (١)

وبعض الرواة يهم في هذا ويقول: إنما كان ذلك عند مقدمه المدينةَ من مكة، وهو وهمٌ ظاهر لأن ثنيَّات الوَداع إنما هي من ناحية الشام لا يراها القادم من مكة إلى المدينة، ولا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام (٢).

فلما أشرف على المدينة قال: «هذه طابة، وهذا أُحُدٌ جبل يحبنا ونحبه» (٣).

ولما دخل قال العباس: يا رسول الله، ايذَنْ لي أمتدحك، فقال رسول الله


(١) كذا في ف، ب. وفي سائر الأصول والمطبوع: «داعي». والوزن يستقيم على الوجهين. والحديث أخرجه البيهقي في «الدلائل» (٢/ ٥٠٧، ٥/ ٢٦٦) عن ابن عائشة ــ وهو عبيد الله بن محمد بن حفص القرشي (ت ٢٢٨) ــ معضلًا دون تعيين قدمة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي قيل فيها ذلك. وقد ذكره البيهقي في الموضعين وقال في الثاني: «هذا يذكره علماؤنا عند مقدمه المدينة من مكة وقد ذكرناه عنده، لا أنه لمّا قدم المدينة من ثنية الوداع عند مقدمه من تبوك، والله أعلم، فذكرناه أيضًا هاهنا».
(٢) يدل عليه حديث السائب بن يزيد ــ وهو من صغار الصحابة ــ قال: «خرجت مع الصبيان نتلَقَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ثنية الوداع مقدمَه من غزوة تبوك». أخرجه البخاري (٤٤٢٧). ووهم الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث في «الفتح» (٨/ ١٢٨) فنسب إلى المؤلف عكس ما قرَّره هنا.
(٣) أخرجه البخاري (٤٤٢٢) ومسلم (١٣٩٢) من حديث أبي حميد الساعدي.