للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها البراءة بواسطة الحيض، بخلاف الاستبراء.

قولكم: لو كانت الأقراء الأطهار لم يحصل بالقرء الأوَّل دلالةٌ؛ لأنَّه لو جامعها ثمَّ طلَّقها فيه حسبت بقيَّته قرءًا، ومعلومٌ قطعًا أنَّ هذا الطُّهر لا يدلُّ على شيءٍ.

فجوابه أنَّها إذا طهرت بعد طهرين كاملين، صحَّت دلالته بانضمامه إليهما.

قولكم: إنَّ الحدود والعلامات والأدلَّة إنَّما تحصل بالأمور الظَّاهرة ... إلى آخره.

جوابه: أنَّ الطُّهر إذا احتوَشَه دمانِ كان كذلك، وإذا لم يكن قبله دمٌ ولا بعده دمٌ، فهذا لا يُعتدُّ به البتَّة.

قالوا: ويزيد ما ذهبنا إليه قوَّةً أنَّ القرء هو الجمع، وزمان الطُّهر أولى به، فإنَّه حينئذٍ يجتمع الحيض، وإنَّما يخرج بعد جمعه.

قالوا: وإدخال الهاء (١) في (ثلاثة قروءٍ) يدلُّ على أنَّ القرء مذكَّرٌ، وهو الطُّهر، ولو كان للحيض لكان بغير تاءٍ (٢)؛ لأنَّ واحدها حيضةٌ.

فهذا ما احتجَّ به أرباب هذا القول استدلالًا وجوابًا، وهذا موضعٌ لا يمكن فيه التَّوسُّط بين الفريقين، إذ لا توسُّطَ بين القولين، فلا بدَّ من التَّحيُّز إلى إحدى الفئتين، ونحن متحيِّزون في هذه المسألة إلى أكابر الصِّحابة، وقائلون فيها بقولهم: إنَّ القرء الحيض، وقد تقدَّم الاستدلال على صحَّة هذا


(١) في المطبوع: «التاء». والمثبت من النسخ.
(٢) كذا في جميع النسخ هنا.