للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و «أُمِرَت أن تعتدَّ عدَّة الحرَّة» (١)، و «أُمِرَت أن تعتدَّ ثلاث حِيَضٍ» (٢)، فلعلَّ رواية من روى «ثلاث حِيَضٍ» محمولةٌ على المعنى. ومن العجب أن يكون عند عائشة هذا وهي تقول: الأقراء الأطهار، وأعجب منه أن يكون هذا الحديث بهذا السَّند المشهور الذين (٣) كلُّهم أئمَّةٌ، ولا يُخرِجه أصحاب الصَّحيح، ولا المَسانِد، ولا من اعتنى بأحاديث الأحكام وجمعها، ولا الأئمَّة الأربعة. وكيف يصبر عن إخراج هذا الحديث من هو مضطرٌّ إليه، ولا سيَّما بهذا السَّند المعروف الذي هو كالشَّمس شهرةً؟ ولا شكَّ أنَّ بريرة أُمِرَت أن تعتدَّ، وأمَّا إنَّها أُمِرت بثلاث حِيَضٍ، فهذا لو صحَّ لم نَعْدُه إلى غيره، ولبادرنا إليه.

قالوا: وأمَّا استدلالكم بشأن الاستبراء، فلا ريب أنَّ الصَّحيح كونه بحيضةٍ، وهو ظاهر النَّصِّ الصَّحيح، فلا وجهَ للاشتغال بالتَّعلُّل بالقول: ..... (٤) وإنَّها تُستَبرأ بطهرٍ، فإنَّه خلاف ظاهر نصِّ الرَّسول - صلى الله عليه وسلم -، وخلافُ القول الصَّحيح من قولي الشَّافعيِّ، وخلاف قول جمهور الأمَّة، فالوجه العدول إلى الفرق بين البابين، فنقول: الفرق بينهما ما تقدَّم أنَّ العدَّة وجبت قضاءً لحقِّ الزَّوج، فاختصَّت بزمان حقِّه وهو الطُّهر، وبأنَّها تتكرَّر، فيُعلَم


(١) «مسند إسحاق» (٧٤٩) والطبراني في «الأوسط» (٢/ ٣٢٢) والدارقطني (٤/ ٤٥٠) والبيهقي في «السنن الكبرى» (٧/ ٧٤٢)، وتقدم تخريج الحديث (ص ٢٣٥ - ٢٣٦).
(٢) ابن ماجه (٢٠٧٧).
(٣) كذا في النسخ.
(٤) هنا بياض في جميع النسخ.